كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ أَوْ الْمَكْفُولَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوْ تُوُفِّيَ الطَّالِبُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي الْكَفِيلِ أَوْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ كَالْمَالِ فِي الْإِبْرَاءِ.
وَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (٦٦٧) وَشَرْحِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٦٦٠) لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَبْرَأْتُ الْكَفِيلَ أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ الْكَفِيلِ شَيْءٌ]
(الْمَادَّةُ ٦٦٠) لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: أَبْرَأْتُ الْكَفِيلَ أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ الْكَفِيلِ شَيْءٌ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَتُهُ وَنَدَامَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَئِذٍ لَا تُجْدِيهِ نَفْعًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ تَسْلِيمِيَّةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٦١) (الْهِنْدِيَّةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَالْإِبْرَاءُ الْمُرَادُ هُنَا: هُوَ إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ وَلَيْسَ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ عِبَارَةٌ: عَنْ بَيَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ مِنْ الْكَفِيلِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْمَادَّةِ (٦٥٩) .
يَعْنِي إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الدَّائِنَ بَرِئَ الْكَفِيلُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَيُقَسَّمُ الْإِبْرَاءُ إلَى قِسْمَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٣٦) .
وَلَا يُرَدُّ الْإِبْرَاءُ وَإِنْ رَدَّهُ الْكَفِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٦٨) لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ لَا تَمْلِيكٌ؛ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إنَّمَا هِيَ الْمُطَالَبَةُ وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيَنْقَسِمُ الْإِبْرَاءُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٦٨) مِنْ الْمَجَلَّةِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ وَالْإِبْرَاءُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَكِنَّهُ يُرَدُّ بِالرَّدِّ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فِي الزَّمَنِ الْحَالِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَيَتِمُّ إبْرَاؤُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بِإِبْرَاءِ الْمُبْرِئِ أَيْ: الْمُسْقِطِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى الْقَبُولِ، وَذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَبُولِ، وَالدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَةِ الْقَبْضِ مَالٌ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَمْلِيكَهُ لِلْمَدِينِ، وَكَمَا تُرَدُّ عُقُودُ التَّمْلِيكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِرَدِّ الْإِيجَابِ فِيهَا فَيُرَدُّ الْإِبْرَاءُ بِالرَّدِّ أَيْضًا، وَقَدْ نَشَأَ عَنْ هَذَا التَّرْدَادِ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّهِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَهَذَا الْقِسْمُ إبْرَاءٌ وَيُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ أَيْضًا كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْبَدَلِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالْعَقْدُ حَقٌّ لِلطَّرَفَيْنِ وَعَلَيْهِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إيَّاهُ أَيْ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ - وَلِذَلِكَ يَتَوَقَّفُ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَبُولِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْإِبْرَاءُ لَا يَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ بَلْ يَظَلُّ مَوْقُوفًا عَلَى اقْتِرَانِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ وَإِذَا رُدَّ الْإِيجَابُ مِنْ الطَّرَفِ الثَّانِي ارْتَدَّ.