[ (الْمَادَّةُ ٧١) يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ مُطْلَقًا]
(الْمَادَّةُ ٧١) :
يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ مُطْلَقًا.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ، وَالْمُتَرْجِمُ هُوَ الَّذِي يُفَسِّرُ لُغَةً بِأُخْرَى، وَالشَّيْخَانِ يَرَيَانِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ الْوَاحِدِ، أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فَذَهَبَ إلَى أَنَّ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْمُتَرْجِمِينَ لَا يَقِلُّ عَنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ، وَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ الْمُتَرْجِمِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّةِ (١٢٧) بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ أَخَذَتْ بِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ اشْتَرَطَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي الْمُتَرْجِمِ أَلَّا يَكُونَ أَعْمَى. فَعَلَيْهِ وَبِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَارِفٍ بِلِسَانِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ شُهُودِهِمَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ ادِّعَاءَ الْمُدَّعِي أَوْ دِفَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ شَهَادَةَ الشُّهُودِ بِوَاسِطَةِ الْمُتَرْجِمِ، وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَبِرَهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ صَادِرَةً رَأْسًا مِنْ أَصْحَابِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُتَرْجِمِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَغَيْرَ أَعْمَى، كَمَا قُلْنَا، وَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مُتَرْجِمَانِ، فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا.
[ (الْمَادَّةُ ٧٢) لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ]
(الْمَادَّةُ ٧٢) :
لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِعْلٌ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ كَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَدَثَ فِعْلٌ اسْتِنَادًا عَلَى ظَنٍّ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ يَجِبُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَوْفَى كَفِيلُ الدَّيْنِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ أَحَدَ النَّاسِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَصِيلَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْفَى الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ يَحِقُّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ، كَمَا يَحِقُّ لِلْأَصِيلِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ دَفَعَ دَيْنًا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ عَنْهُ الْكَفِيلُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الدَّائِنَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُمَا لِلْمَالِ كَانَ عَنْ خَطَأٍ لِظَنِّهِمَا أَنْ يَلْزَمَهُمَا، وَدَفْعُ الْمَالِ خَطَأٌ لَا يُرَتِّبُ حَقًّا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْحَقِّ. كَذَلِكَ، إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: إذَا حَلَفْت بِأَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ الَّذِي تَدَّعِيهِ يَلْزَمُ ذِمَّتِي لَك أَدْفَعُهُ لَك، فَحَلَفَ وَظَنَّ الْمَطَالِبُ بِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى أَدَاءِ الْمَبْلَغِ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَدَفَعَ الْمَبْلَغَ لَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْيَمِينَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٧٦) لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعِي بَلْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ، يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ، كَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ أَوْ أَتْلَفَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ ظَانًّا بِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ.
كَذَلِكَ: لَوْ كَانَ شَخْصٌ يَشْتَرِي مِنْ تَاجِرٍ بَضَائِعَ وَيُقَيِّدُ التَّاجِرُ مَا يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِدَفْتَرِهِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي دَفْعَ ثَمَنِ مَا أَخَذَهُ فَطَلَبَ مِنْ التَّاجِرِ أَنْ يَجْمَعَ كُلَّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَغَلِطَ التَّاجِرُ فَبَدَلًا مِنْ أَلْفٍ طَلَبَ أَلْفَيْنِ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَلْفَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَقَطْ فَدَفْعُ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ لِلتَّاجِرِ خَطَأً، لَا يَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا. كَذَلِكَ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ مَبْلَغًا ظَانًّا بِأَنَّهُ مَدِينٌ لَهُ بِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَدِينٍ يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ. كَذَلِكَ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ مَبْلَغًا ظَانًّا بِأَنَّ الْمَبْلَغَ مَطْلُوبٌ مِنْ وَالِدِهِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ وَالِدَهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute