وَقَدْ ذَكَرَ شَرْحًا بِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْجَارُ فَلِوَارِثِهِ حَقُّ الْقَطْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْجَارُ الْبُسْتَانَ حَالٍ كَوْنِ الْأَغْصَانِ مُتَدَلِّيَةً عَلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ قَطْعِهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَالْحَقُّ الَّذِي مَلَكَهُ الْبَائِعُ قَدْ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ وَالتَّنْقِيحُ) .
وُقُوعُ الصُّلْحِ عَلَى تَرْكِ الْأَغْصَانِ: إذَا تَصَالَحَ صَاحِبُ الشَّجَرِ مَعَ الْجَارِ عَلَى أَنْ تَبْقَى الْأَغْصَانُ عَلَى حَالِهَا مُقَابِلَ بَدَلٍ مَعْلُومٍ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لِلْجَارِ رَدُّ بَدَلِ الصُّلْحِ وَطَلَبُ قَطْعِ الْأَغْصَانِ أَمَّا الصُّلْحُ عَلَى تَرْكِ الظُّلَّةِ فَجَائِزَةٌ وَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدٌ مِنْ دَارِهِ شُرْفَةً عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ الصُّلْحَ مَعَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ مُقَابِلَ تَرْكِ الشُّرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ حَقُّ خُصُومَتِهِمْ (الْخَانِيَّةُ) .
أَمَّا إذَا كَانَتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ غَيْرَ مُتَدَلِّيَةٍ عَلَى مِلْكِ الْجَارِ فَلَا تُقْطَعُ بِدَاعِي أَنَّ ظِلَّهَا مُضِرٌّ بِمَزْرُوعَاتِ بُسْتَانِ الْجَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْغَلْ هَوَاءَ جَارِهِ وَكَانَتْ الشَّجَرَةُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُ إزَالَةُ مِثْلِ هَذَا الضَّرَرِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ ظِلُّ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ أَحَدٍ مُضِرًّا بِمَزْرُوعَاتِ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ أُخْرَى جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ قَطْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ. فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ.
[ (الْمَادَّةُ ١١٩٧) لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ]
الْمَادَّةُ (١١٩٧) - (لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُفَصَّلُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) .
لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ الْخَالِصِ (التَّنْوِيرُ فِي مَسَائِلِ شَتَّى الْقَضَاءِ) .
وَالْمِلْكُ الْمَقْصُودُ هُنَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الرِّقْبَةِ وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْعَقَارَاتُ الْمَوْقُوفَةُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ (الْحَمَوِيُّ) .
يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (١١٩٢) وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فِي حَقِّ مِلْكِ أَحَدٍ الْخَالِصِ أَيْ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيهِ مُطْلَقًا أَمَّا الْمَادَّةُ (١١٩٢) فَهِيَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي لِآخَرَ حَقٌّ فِيهِ لِأَنَّ السُّفْلِيَّ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِ الْعَلَوِيِّ حَقُّ الْقَرَارِ فِيهِ فَلِذَلِكَ إذَا هَدَمَ صَاحِبُ السُّفْلِيِّ السُّفْلِيَّ فَيُجْبَرُ عَلَى إعَادَةِ بِنَائِهِ كَالْأَوَّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ بَعْضُ مَسَائِلَ وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمُوجِبِ سَنَدِ طَابُو بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الَّذِي لَهُ طَاحُونٌ بِقُرْبِ تِلْكَ الطَّاحُونِ سَدُّ الطَّاحُونِ الْمَذْكُورَةِ بِدَاعِي أَنَّ إحْدَاثَ الطَّاحُونِ الْمَذْكُورَةِ قُرْبَ طَاحُونِهِ يُوجِبُ كَسَادَ طَاحُونِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .