[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ]
ِ الْكِتَابَةُ وَالْخَطُّ مِنْ أَهَمِّ وَأَلْزَمِ الْأَشْيَاءِ لِلْإِنْسَانِ وَبِهَا يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِحْصَالِ مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ، وَعَلَى تَأْمِينِ حُقُوقٍ مُهِمَّةٍ، وَمِنْ الْمَرْوِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثَارَةِ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: ٤] الْخَطُّ الْحَسَنُ (الْكُلِّيَّاتُ بِعِلَاوَةٍ) .
قَدْ أَخَذَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْعَمَلُ بِالْكِتَابَةِ وَالْخَطِّ أَهَمِّيَّةً عُظْمَى فَقَدْ قُصِرَ إثْبَاتُ كَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ، وَلَا سِيَّمَا السَّنَدَاتُ وَالْمُقَاوَلَاتُ عَلَى الْخَطِّ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَدُّ كُلِّ خَطٍّ مَعْمُولًا بِهِ وَمَدَارًا لِلثُّبُوتِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَلَّا يُعْمَلَ بِالْخَطِّ؛ إذْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ فَلِذَلِكَ قَدْ اُتُّخِذَ طَرِيقٌ مُتَوَسِّطٌ، وَبَيَانُ الْأَصْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ.
الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ الَّذِي فِيهِ شَائِبَةُ تَزْوِيرٍ، وَلَا يُتَّخَذُ ذَلِكَ الْخَطُّ مَدَارًا لِلْحُكْمِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْنِيعُ وَتَزْوِيرُ الْخَطِّ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ.
أَوَّلًا: لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالسَّنَدِ إذَا كَانَ غَيْرَ خَالٍ مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٦١٠) .
ثَانِيًا: لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَتْمِ فَقَطْ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٧٣٦) .
ثَالِثًا: لَا يُعْمَلُ بِحُجَّةِ الْوَقْفِ فَقَطْ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٣٩) ٠ الْأَصْلُ الثَّانِي: يُعْمَلُ بِالْخَطِّ الْبَرِيءِ مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ تَحْصُلُ بِلَا شُهُودٍ فَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ بِالْخَطِّ يَسْتَلْزِمُ ضَيَاعَ أَمْوَالِ النَّاسِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ.
أَوَّلًا: يُعْمَلُ بِحُجَّةِ الْوَقْفِ الْمُقَيَّدَةِ فِي سِجِلِّ الْمَحْكَمَةِ الْمَوْثُوقِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٣٩) .
ثَانِيًا: يُعْمَلُ بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ الْمَمْسُوكَةِ بِصُورَةٍ سَالِمَةٍ مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٣٨)