[لَاحِقَةٌ وَهِيَ تَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ عَدَمِ فَسَادِ الرَّهْنِ]
مَسْأَلَةٌ (١) : الْمَرْهُونُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٧٠٩) مَالٌ وَمَضْمُونٌ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (٧١٠) فِي الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهُ فَقَطْ إذَا لَمْ تُوجَدْ بَعْضُ شُرُوطِ الْجَوَازِ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا كَرَهْنِ الْمَشَاعِ وَرَهْنِ الْمَشْغُولِ. فَإِذًا رَهْنُ الْمَشَاعِ وَرَهْنُ الْمَشْغُولِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الِانْعِقَادِ مَوْجُودٌ وَشَرْطَ الصِّحَّةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَكُلُّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ فِيهِ مَالًا وَلَا مُقَابِلَهُ مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا كَمَا سَيُفْهَمُ وَاضِحًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ.
مَسْأَلَةٌ (٢) : يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَلَّا يَكُونَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَلَا مُؤَجَّلًا بِوَقْتٍ.
بِنَاءً عَلَيْهِ تَأْجِيلُ الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ دَوَامُ الْحَبْسِ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّأْجِيلُ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَلَكِنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ صَحِيحٌ.
(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مَسْأَلَةٌ (٣) : يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ الرَّهْنُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا رَهَنْت الشَّجَرَةُ بِدُونِ الثَّمَرِ أَوْ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهَا أَوْ الْأَرْضُ بِدُونِ الزَّرْعِ يَعْنِي إذَا صُرِّحَ عَدَمُ دُخُولِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الرَّهْنِ وَرُهِنَتْ الْأَرْضُ وَالشَّجَرَةُ فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَتَى كَانَ الْمَرْهُونُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إذْ ذَاكَ قَبَضُ الْمَرْهُونِ مُسْتَقِلًّا وَلَكِنْ إذَا رُهِنَتْ الْأَرْضُ وَسَكَتَ عَنْ الزَّرْعِ الَّذِي عَلَيْهَا فَيَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٧١١) ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُتَّصِلٌ بِالْمَرْهُونِ (شرنبلالي) .
وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ أَوْ مَتَاعُهُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا مَشْغُولَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُ تَسْلِيمٌ جَدِيدٌ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ عِنْدَ آخَرَ وَهُوَ وَالْمُرْتَهِنُ جَالِسَانِ فِيهَا وَقَالَ الرَّاهِن لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي سَلَّمْتُك إيَّاهَا وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ قَائِلًا: إنِّي تَسَلَّمْتهَا لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِذَلِكَ.
وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَرْهَنَ جَوَالِقَ وَأَمْوَالُهُ وَأَمْتِعَتُهُ مَوْجُودَةٌ فِيهَا مُقَابِلَ دَيْنِهِ فَإِذَا رَهَنَهَا وَسَلَّمَهَا مَشْغُولَةً بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَكِنْ إذَا الرَّاهِنُ أَوْدَعَ أَوَّلًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَشْيَاءَ الْمَوْجُودَةَ فِي الدَّارِ الَّتِي رُهِنَتْ ثُمَّ سَلَّمَهَا مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فَالرَّهْنُ وَالتَّسْلِيمُ صَحِيحَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute