للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَانِيَّةُ) إنَّمَا انْشِغَالُ الرَّهْنِ بِحَقِّ غَيْرِ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَصِحُّ رَهْنُ دَارٍ مَشْغُولَةٍ بِمَتَاعِ شَخْصٍ غَيْرِ الرِّهَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

مَسْأَلَةٌ (٤) : يَلْزَمُ لِعَدَمِ فَسَادِ الرَّهْنِ أَنْ لَا يَكُونَ مَشَاعًا وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ حَبْسُ الرَّهْنِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْمَشَاعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِي الْمَشَاعِ ثَانِيَةٌ فِي جُزْءٍ مُعَيَّنٍ يَعْنِي فِي الْقِسْمِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمَشَاعِ فَلَوْ جَازَ الرَّهْنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَمْسِكَ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ يَوْمًا وَيُعِيدُهُ إلَى الرَّاهِنِ يَوْمًا (شِبْلِيٌّ وَأَبُو السُّعُودِ) .

سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ قَابِلًا لِلتَّقْسِيمِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَرُهِنَ عِنْدَ الشَّرِيكِ أَمْ عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الشُّيُوعُ طَارِئًا أَمْ مُقَارَنًا.

الشُّيُوعُ الطَّارِئُ هُوَ بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ فَسَخَ الرَّهْنَ فِي جُزْءٍ مِنْهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . فَعَلَيْهِ رَهْنُ نِصْفِ الدَّارِ أَوْ الْحَيَوَانِ الشَّائِعِ فَاسِدٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَصَرَّحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَقْتَ الْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَشَاعًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَزَالَتْ مشاعيته عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ بِالتَّقْسِيمِ وَالْإِفْرَازِ صَحَّ الرَّهْنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٤) .

وَرَهْنُ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِحُكْمِ رَهْنِ الْمَشَاعِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) .

وَرَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَغَيْرُ جَائِزٍ. وَلِهَذَا إذَا بَاعَ الْعَدْلُ نِصْفَ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى وَكَالَتِهِ الْمُطْلَقَةِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى طُرُوءِ الشُّيُوعِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا رَهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَسَخَ الطَّرَفَانِ الرَّهْنَ فِي نِصْفِهِ الشَّائِعِ وَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فَيَفْسُدُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَيْضًا (شِبْلِيٌّ) .

فَسَادُ الرَّهْنِ بِسَبَبِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ مَذْهَبُ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَشَاعَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلرَّهْنِ. وَفِي الشَّيْءِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مَحَلًّا فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ سِيَّانِ وَلَكِنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٦) (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْخَانِيَّةُ، وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) .

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا إذَا رَهَنَ مَالًا بِأَجْمَعِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ ضَبَطَ نِصْفَهُ الشَّائِعَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي بَاقِيَةٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا رَهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ ضَبَطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ نِصْفَ مُعَيَّنٍ مُفْرَزٍ مِنْهُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ كُلِّهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي مُقَدَّمَةِ الرَّهْنِ الْأَنْقِرْوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) .

وَإِذَا تَلِفَ الْبَاقِي الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ تَلِفَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي كَافِيَةً لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ الدَّائِنِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ حِصَانَيْنِ تُسَاوِي قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ قِرْشٍ. وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا ثُمَّ ضَبَطَ أَحَدَهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَبْقَى الْآخَرُ رَهْنًا مُقَابِلَ حِصَّتِهِ لِأَلْفِ قِرْشٍ يَجِبُ إيفَاءُ كُلِّ الدَّيْنِ لِأَجْلِ فَكِّ الْحِصَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>