الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ فَلِلْمُفَاوِضِ الْآخَرِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ (الْبَحْرُ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٣٥٧) الْمَأْكُولَاتُ وَالثِّيَابُ وَسَائِرُ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ]
الْمَادَّةُ (١٣٥٧) - (الْمَأْكُولَاتُ وَالثِّيَابُ وَسَائِرُ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ تَكُونُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقٌّ فِيهَا لَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ بِثَمَنِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا)
إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُجْرَى الشَّرِكَةُ فِيهَا فَتَكُونُ قَدْ اُشْتُرِيَتْ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ، وَكُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ الْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فَاشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا هُوَ كَاشْتِرَائِهِمَا مَعًا. وَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى كُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ مَالًا بِصَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَكُونُ كُلُّ مُشْتَرٍ مِنْهُمَا قَدْ اشْتَرَى نِصْفَ الْمُشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِشَرِيكِهِ بِحُكْمِ وَكَالَتِهِ عَنْهُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ كُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ دَائِنًا لِشَرِيكِهِ بِنِصْفِ ثَمَنِ الْمُشْتَرَى وَلَا يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَيَا بِالْمَالِ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصِرْ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ (الْبَحْرُ) وَحَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُجْرَى فِيهَا الشَّرِكَةُ وَأَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ وَحَرَّرَ ذَلِكَ فِي حُجَّةٍ أَوْ صَكٍّ فَيَكُونُ الْمَالُ أَيْضًا لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ تَغْيِيرَ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ (الْبَحْرُ وَالْخَيْرِيَّةُ) . وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: وَهِيَ أَنَّ الْمَأْكُولَاتِ كَالْخُبْزِ وَالْغُمُوسِ وَالثِّيَابِ وَالدَّارِ الَّتِي يَسْتَأْجِرُهَا لِأَجْلِ السُّكْنَى وَالْمُكَارَى الَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ لِلذَّهَابِ لِلْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ هِيَ لَهُ خَاصَّةً وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ حَقٌّ فِيهَا.
وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ اسْتِحْسَانِيَّةٌ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّهُ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ يَفْهَمُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخَرَ مُدَّةَ انْعِقَادِ الشَّرِكَةِ طَعَامٌ وَثِيَابٌ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَلَمْ يَقْصِدُوا حِينَ الْعَقْدِ أَنَّهُ تَلْزَمُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى الشَّرِيكِ، وَلِذَلِكَ فَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُسْتَثْنَاةٌ دَلَالَةً مِنْ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْطُوقًا أَيْ صَرَاحَةً وَمَقَالًا " الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرَرُ ".
وَعَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْمُفَاوِضِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهَا مِنْ مَالِهِ فَاخْتُصَّتْ بِالضَّرُورَةِ بِمُشْتَرِيهَا " الْبَحْرُ ". وَلَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُطَالَبَةُ بِثَمَنِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مِنْ مُشْتَرِيهَا حَسَبَ الْأَصَالَةِ وَلَهُ أَيْضًا مُطَالَبَةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِهَا حَسَبَ الْكَفَالَةِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ الْوَقْفِ وَالدُّرَرُ) لِأَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْهُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ كَمَا فِي الْمَنْبَعِ وَلِذَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ وَمَا مَعَهُ دُونَ الضَّمَانِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَهُ مُسْتَثْنًى قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.
فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى هَذَا الثَّمَنَ مِنْ طَرَفِ أَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكَانَ إعْطَاؤُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute