لَيْسَ لِلظِّئْرِ الْأُولَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرٌ.
كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْقَصَّارُ الثِّيَابَ الَّتِي أُعْطِيت إلَيْهِ لِيَغْسِلَهَا بِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهَا إلَى غَيْرِهِ لِيَغْسِلَهَا، فَإِذَا تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِذَا لَمْ تَتْلَفْ، فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ (أنقروي) . قَدْ قُصِرَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى شَرْطِ الْعَمَلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا شُرِطَ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَتَهَاوَنَ الْأَجِيرُ فَلَمْ يُتِمَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَسُرِقَ الْمُسْتَأْجَرُ - فِيهِ مِنْ الْأَجِيرِ مِنْ دُونِ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِعْمَالِ فَقَطْ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِهِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شُرِطَ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِيهِ هَلْ هُوَ الْيَوْمَ أَوْ غَدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ. ثُمَّ لَوْ شُرِطَ وَقَصَّرَ بَعْدَ أَيَّامٍ يَنْبَغِي أَلَا يَجِبَ الْأَجْرُ إذْ لَمْ يَبْقَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَوْ هَلَكَ وَصَارَ كَمَا لَوْ جَحَدَ الثَّوْبَ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَقْصُورًا بَعْدَ جُحُودِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٥٧٢) أَطْلَقَ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ]
(الْمَادَّةُ ٥٧٢) لَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَجِيرَ بِأَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ كَوَكِيلِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ ٦٤ و ٧٨) وَسَوَاءٌ أَعَمِلَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَمِلَهُ بِوَكِيلِهِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ. لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِطْلَاقِهِ يَكُونُ رَاضِيًا بِعَمَلِ غَيْرِهِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِذَاتِ الْأَجِيرِ بَلْ بِذِمَّتِهِ، وَهَذِهِ الذِّمَّةُ كَمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَفِّيَهَا بِنَفْسِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَفِّيَهَا بِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَمَلٌ - فِي ذِمَّتِهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إيفَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى، وَقَالَ الشِّبْلِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُعْتَادِ وَالْمُتَعَارَفِ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ، وَالصُّنَّاعُ يَعْمَلُونَ فِي الْعَادَاتِ بِأَنْفُسِهِمْ وَبِأُجَرَائِهِمْ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ وَأَجِيرِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُطْلَقُ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَفِّيَهُ بِاسْتِعَانَةِ غَيْرِهِ، كَمَا فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى
وَالْمَقْصُودُ بِغَيْرِهِ هُوَ وَكِيلُهُ، كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي يَشْتَغِلُ عِنْدَهُ بِالْأُجْرَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَكِيلَهُ وَأَعْطَى الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لَهُ عَلَى هَذِهِ الصَّنْعَةِ كَانَ الْأَجِيرُ الْأَوَّلُ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٩٠) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَمَّا الْأَجِيرُ الثَّانِي، فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ كَإِتْلَافِهِمْ فِي مُودَعِ الْمُودَعِ - (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أنقروي، الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نَسَّاجًا مِقْدَارًا مِنْ الْحَرِيرِ - لِنَسْجِهِ وَالنَّسَّاجُ أَعْطَاهُ إلَى نَسَّاجٍ آخَرَ وَسُرِقَ مِنْهُ الْحَرِيرُ، فَإِذَا كَانَ النَّسَّاجُ الثَّانِي أَجِيرًا لِلنَّسَّاجِ الْأَوَّلِ، فَلَيْسَ عَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ ضَمَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩١) ، أَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا لَزِمَ النَّسَّاجَ الْأَوَّلَ ضَمَانُ الْحَرِيرِ. كَذَلِكَ إذَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرُ الْمُسْتَرْضَعَةُ عَلَى وَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute