[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَنْ يَعْقِدُ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ] [ (الْمَادَّةُ ١٥٣٩) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا]
الْمَادَّةُ (١٥٣٩) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ شَيْئًا، وَأَقَرَّ بِهِ يَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْ إقْرَارٍ، وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ عَلَى تَأْجِيلِ وَإِمْهَالِ دَيْنِهِ. وَإِذَا صَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ دَيْنِهِ وَكَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ وَعَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ سَيَحْلِفُ يَصِحُّ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ يَصِحُّ وَلَكِنْ إذَا صَالَحَ عَلَى نُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ لَا يَصِحُّ) .
يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا، كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَرِّفُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا؛ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمَدْهُوشِ (وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ عَقْلُهُ بِذُهُولٍ أَوْ وَلَهٍ) وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيَّزٍ مُطْلَقًا.
يَعْنِي: سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَالِحُ فِي صِفَةِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَؤُلَاءِ قَصْدٌ شَرْعِيٌّ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٩٥٧، ٩٧٩) .
إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُ السَّكْرَانِ بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ، وَعَدُّهُ عَاقِلًا زَجْرًا لَهُ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) : إنَّ هَذَا التَّفْرِيعَ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى؛ فَلِذَلِكَ لَا يُوجَدُ مَانِعٌ مِنْ تَفْرِيعِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى أَصْلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَدَمُ إتْيَانِ الْمَعْتُوهِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بَلْ يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ.
لِأَنَّهُ - حَسَبَ الْمَادَّةِ (٩٧٨) - يُعَدُّ الْمَعْتُوهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَقَدْ نَصَتَ الْمَادَّةُ (١٩٦٧) بِأَنَّ عُقُودَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الدَّائِرَةَ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ.
كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَلِذَلِكَ فَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَيَصِحُّ صُلْحُهُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute