[الْبَابُ الثَّانِي فِي حَقِّ مُرُورِ الزَّمَنِ]
ِ أَنْوَاعُ مُرُورِ الزَّمَنِ: إنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - مُرُورُ الزَّمَنِ الَّذِي حُكْمُهُ اجْتِهَادِيٌّ وَمُدَّتُهُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَلِذَلِكَ فَالدَّعْوَى الَّتِي تُتْرَكُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا حَيْثُ إنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى تِلْكَ الْمُدَّةَ مَعَ الِاقْتِدَارِ عَلَيْهَا وَفِقْدَانِ الْعُذْرِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ. إنَّ اعْتِبَارَ نِهَايَةِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَن سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (٦٦١) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) .
النَّوْعُ الثَّانِي - مُرُورُ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ: إنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى فِي مُرُورِ الزَّمَنِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (١٨٠١) مِنْ الْمَجَلَّةِ فَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ فِي دَعْوَى مُرُورِ زَمَنٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَأُمِرَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ بِاسْتِمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ. وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَ قَاضِيًا مِنْ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي يَقَعُ فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَأَنْ يَأْذَنَ قَاضِيًا آخَرَ بِسَمَاعِ مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلِذَلِكَ فَالْفَتَاوَى الَّتِي أَفْتَى بِهَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِعَدَمِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى فِي مِثْلِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ قَدْ ذُكِرَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِلَا أَمْرٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . إنَّ هَذَا النَّهْيَ هُوَ فِي حَقِّ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْحَكَمِ فَلِذَلِكَ إذَا فَصَلَ الْحَكَمُ دَعْوَى مَرَّ عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَصَحِيحٌ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ (الْحَمَوِيُّ) حَتَّى لَوْ " أَنَّ شَخْصَيْنِ عَيَّنَا الْقَاضِيَ حَكَمًا بِفَصْلِ دَعْوَى " فَلِلْحَكَمِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَفْصِلَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ لَا يُثْبِتُ حَقًّا: يَعْنِي أَنَّ الْعُقُودَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَعَ كَوْنِهَا مُثْبِتَةً وَمُوجِدَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدِينَ مَنْفَعَةً وَمَضَرَّةً إلَّا أَنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِلطَّرَفِ الَّذِي يُرِيدُ الِاسْتِفَادَةَ مِنْهُ. فَلِذَلِكَ إذَا رَدَّ الْقَاضِي دَعْوَى دَائِنٍ بِسَبَبِ وُقُوعِ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهَا يَبْقَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي وَيَكُونُ قَدْ هَضَمَ حَقَّ الْمُدَّعِي.
الدَّعَاوَى الْمَمْنُوعُ اسْتِمَاعُهَا:
١ - الدَّعَاوَى الْوَاقِعُ فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ وَهِيَ الْمُبَيَّنَةُ فِي هَذَا الْبَابِ.
٢ - دَعْوَى الْمُوَاضَعَةِ وَالِاسْمُ الْمُسْتَعَارُ فِي الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْمَنْقُولَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute