وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ التَّكَرُّرُ فِي الِاجْتِمَاعِ وَلَا يَكْفِي اجْتِمَاعٌ وَاحِدٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَجِبُ حَلُّ أَسْئِلَةٍ ثَلَاثٍ:
١ - كَمْ مَرَّةً يَجِبُ أَنْ يَتَكَرَّرَ هَذَا الِاجْتِمَاعُ، بِمَا أَنَّهُ يَكُونُ الِاجْتِمَاعُ الثَّانِي تَكَرُّرًا فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَوْ يَجِبُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثَ أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؟ ٢ - مَا هُوَ السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ الِاجْتِمَاعِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الِاجْتِمَاعَيْنِ أَوْ الْأَكْثَرِ؟ ٣ - إذَا غَابَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَاجْتَمَعَ الطَّرَفَانِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ غَابَ أَحَدُهُمَا فِي دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ مُدَّةُ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَبِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (١٦٦٣) يَكُونُ مُرُورُ التِّسْعِ سَنَوَاتٍ الْأُولَى بِعُذْرٍ وَمُرُورُ الزَّمَنِ يَبْتَدِئُ مِنْ بَعْدِهَا وَيَجِبُ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى فِي الِاجْتِمَاعِ الثَّالِثِ وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُنَافِيَةً لِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ (١٦٦٣) ؟ وَإِذَا أُجِيبَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الْمَادَّةِ (١٦٦٣) هُوَ حَدُّ مُرُورِ زَمَنِ الْعَشْرِ سَنَوَاتٍ أَوْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ سَنَةً الَّتِي تَمَّتْ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالتِّسْعُ سَنَوَاتٍ الْأُولَى لَمْ تَصِلْ إلَى حَدِّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُنَافٍ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١٦٦٣) لِأَنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ الْمَانِعِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٦٦٣) هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ.
مَثَلًا: إذَا تَغَيَّبَ عَمْرٌو بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِزَيْدٍ مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَاجْتَمَعَ بِزَيْدٍ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثَالِثَةً وَمَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اعْتِبَارًا مِنْ مَبْدَأِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَحَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْحَالُ أَنَّهَا تُسْمَعُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (١٦٦٣) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَالْعَشْرُ سَنَوَاتٍ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ قَدْ مَرَّتْ بِعُذْرٍ.
وَيَرِدُ إلَى الْخَاطِرِ أَنْ يُجَابَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ الْجَوَابُ الْآتِي وَهُوَ: إذَا تَكَرَّرَ الِاجْتِمَاعُ أَثْنَاءَ الْغَيْبَةِ فَالْغَيْبَةُ الْأُولَى لَا تُعَدُّ عُذْرًا فَلَا تُنَزَّلُ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَرَى تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الْأُولَى يَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي هَذِهِ الدَّعَاوَى مُرُورُ الزَّمَنِ مُطْلَقًا (وَهَبْ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِتَحَقُّقِهِ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الِاجْتِمَاعُ وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ وَاحِدًا فَيَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُوجَدُ الْمَحْذُورُ الَّذِي بُيِّنَ.
[ (الْمَادَّةُ ١٦٦٦) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا فِي حُضُور الْقَاضِي فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ مَرَّةً]
الْمَادَّةُ (٦٦٦ ١) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ مَرَّةً وَلَمْ تُفْصَلْ دَعْوَاهُ وَمَرَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَأَمَّا الِادِّعَاءُ وَالْمُطَالَبَةُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا تَدْفَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ: بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute