وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنُوا بَلْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقُّ طَرِيقٍ فِي الْعَرْصَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُدُودَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَرْجَحِ وَيُعْطَى لِلْمُدَّعِي طَرِيقٌ بِعَرْضِ بَابِ دَارِهِ الْخَارِجِيِّ يَنْتَهِي إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٩ ١) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ) .
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ) أَيْ صَاحِبَ حَقِّ الْمُرُورِ، لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ حَقِّ الْمُرُورِ الدَّارَ الَّتِي لَهُ فِيهَا حَقُّ مُرُورٍ مَعَ حَقِّ مُرُورِهَا لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُرُورِ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْبَائِعَ كَانَ شَخْصًا وَاحِدًا وَكَانَ يَمُرُّ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِينَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ فَلَا أَقْبَلُ مُرُورَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْمَمَرَّ مُسْتَحِقُّ الْمُرُورِ أَبَدًا (الْقَاعِدِيَّةُ فِي الشُّرْبِ) .
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ) هُوَ تَعْبِيرٌ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (٩٦) . .
مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَمُرُّ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ الْعَرْصَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِآخَرَ أَوْ مِنْ عَرْصَةِ الْوَقْفِ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ مَنْعُ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ الْمُرُورِ (الْبَهْجَةُ) .
وَتُبَيَّنُ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ: وَذَلِكَ إذَا أَحَاطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَرْصَتَهُ بِحَائِطٍ أَوْ بِسِتَارَةٍ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْمُرُورُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَالدُّخُولُ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يُحِطْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَيْضًا الْمُرُورُ مِنْهَا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُرُورُ إذَا كَانَ الْمَارُّ شَخْصًا وَاحِدًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَارُّونَ جَمَاعَةً فَلَا يَجُوزُ الْمُرُورُ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُرُورُ إذَا مَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُرُورَ صَرَاحَةً لِأَنَّ التَّصْرِيحَ يُبْطِلُ الدَّلَالَةَ.
أَمَّا الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَادِثِ فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ قَدْ اتَّخَذَهُ طَرِيقًا فَيَجُوزُ الْمُرُورُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَلَا يَجُوزُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ الَّذِي اتَّخَذَهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ طَرِيقًا مَغْصُوبًا فَلَا يَحِلُّ الْمُرُورُ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي جِنْسِ آخَرَ فِي غَصْبِ الضَّيَاعِ وَالْعَقَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٢٢٦) لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ]
الْمَادَّةُ (١٢٢٦) - (لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ، وَالضَّرَرُ لَا يَلْزَمُ بِالْإِذْنِ وَالرِّضَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ وَمَرَّ فِيهَا بِمُجَرَّدِ إذْنِ صَاحِبِهَا مُدَّةً فَلِصَاحِبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ إذَا شَاءَ) .
لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعَاتُ غَيْرُ لَازِمَةٍ (أَبُو السُّعُودِ) . وَقَدْ عُرِّفَتْ الْإِبَاحَةُ فِي الْمَادَّةِ (٨٣٦) بِأَنَّهَا الْإِذْنُ وَالتَّرْخِيصُ لِآخَرَ بِأَكْلٍ وَتَنَاوُلِ شَيْءٍ بِلَا عِوَضٍ. وَيُسْتَدَلُّ مِنْ التَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِبَاحَةِ هُنَا هُوَ التَّرْخِيصُ لِآخَرَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ بِلَا عِوَضٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) فَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْفِقْرَةُ عَامَّةً وَشَامِلَةً لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (٦ ٨٠) بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ عَنْ إعَارَتِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ.