للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ٩٠٤) عَسَلُ النَّحْلِ الَّتِي اتَّخَذَتْ فِي رَوْضَةِ أَحَدٍ مَأْوًى]

(الْمَادَّةُ ٩٠٤) - (عَسَلُ النَّحْلِ الَّتِي اتَّخَذَتْ فِي رَوْضَةِ أَحَدٍ مَأْوًى هُوَ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ يَضْمَنُ) . أَيْ أَنَّ عَسَلَ النَّحْلِ الَّتِي تَتَّخِذُ مَأْوًى فِي رَوْضَةٍ مِنْ نَفْسِهَا بِدُونِ عَمَلٍ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ هُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٣٥) لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ لِكَوْنِهِ مَعْدُودًا مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ وَيُؤَدِّي صَاحِبُ الرَّوْضَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ عُشْرَهُ الشَّرْعِيَّ فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ آخَرُ ذَلِكَ الْعَسَلَ وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ النَّبَاتَ الْحَاصِلَ فِي مَزْرَعَةِ آخَرَ بِسَعْيِ صَاحِبِ الْمَزْرَعَةِ وَعَمَلِهِ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ سَعْيٌ وَعَمَلٌ فِي حُصُولِ ذَلِكَ النَّبَاتِ فَلَا ضَمَانَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٢٥٧) " الْبَهْجَةُ " أَمَّا الْأَشْجَارُ الَّتِي تَنْبُتُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَهِيَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى النَّبَاتِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ تِلْكَ الْأَشْجَارَ وَاسْتَهْلَكَهَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٢٤٤) " الْفَيْضِيَّةُ ". وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: أُولَاهُمَا - كَوْنُ ذَلِكَ الْعَسَلِ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَلَئِنْ ظُنَّ أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا غَيْرُ مُوَافِقٍ حَيْثُ إنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ غَصْبٌ فَقَدْ ذُكِرَتْ هُنَا خَوْفًا مِنْ التَّوَهُّمِ بِأَنَّ الْعَسَلَ مُبَاحٌ وَلَا يَلْزَمُ الْآخِذَ ضَمَانُهُ. لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ أَخْذُ الشَّيْءِ وَاسْتِهْلَاكُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِلْكًا لِأَحَدٍ أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي يَجُوزُ لِكُلِّ إنْسَانٍ أَخْذُهَا وَاسْتِهْلَاكُهَا وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (٨٨١) بِقَوْلِهِ (مَالُهُ) .

وَعَلَيْهِ لَوْ نَثَرَ أَحَدٌ عَلَى النَّاسِ نُقُودًا وَبَسَطَ أَحَدٌ ذَيْلَهُ وَهَيَّأَهُ لِذَلِكَ فَالنُّقُودُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَوْ أَخَذَهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ كَانَ غَاصِبًا أَمَّا لَوْ سَقَطَتْ النُّقُودُ عَلَى رِدَائِهِ الَّذِي لَمْ يُهَيِّئْهُ لِذَلِكَ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا وَلَا يَكُونُ الْآخِذُ غَاصِبًا. إلَّا أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ ذَيْلَهُ بَعْدَ أَنْ سَقَطَتْ النُّقُودُ عَلَيْهِ بِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ فَلَوْ أَخَذَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدٌ يَكُونُ غَاصِبًا لِصَيْرُورَتِهِ بِذَلِكَ مَالِكًا لَهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢) وَشَرْحَهَا.

كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ كَلْبًا مُدَرَّبًا لِآخَرَ وَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ (الْفَيْضِيَّةُ) . ثَانِيهُمَا - لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِهْلَاكِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (٨٩١) . وَكَمَا أَنَّ الْعَسَلَ هَذَا لَيْسَ كَالصَّيْدِ فَلَيْسَ هُوَ كَبِيضِ الصَّيْدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَمَّا كَانَ يَطِيرُ فَلَا يُعَدُّ مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ كَمَا أَنَّ بِيضَ الطَّيْرِ لَمَّا كَانَ يَصِيرُ طَيْرًا وَيَطِيرُ أَيْضًا فَلَا يُعَدُّ أَيْضًا مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ بَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُبَاحِ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ النَّحْلَ الْمَذْكُورَةَ شَخْصٌ آخَرُ كَانَ مَالِكًا لَهَا. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ اسْتِرْدَادُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ النَّحْلَ مِنْ قَبِيلِ الصَّيْدِ وَالصَّيْدُ مُبَاحٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٢٩٧) فَلِكُلٍّ أَخْذُهُ وَقَدْ كَانَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (عَسَلُ النَّحْلِ) وَعَدَمُ قَوْلِهَا (النَّحْلُ وَالْعَسَلُ) مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>