[ (الْمَادَّةُ ٨٥٠) وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا]
(الْمَادَّةُ ٨٥٠) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ) .
قَبْضُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ وَلَا يَكْفِي قَبْضُ الْآخَرِينَ فُضُولًا كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَيْ ابْنَتِهِ أَوْ ابْنِهِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِ الشَّخْصِ أَمْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَمْ الْغَاصِبِ أَمْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْوَاهِبِ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَزَالُ فِي عِيَالِ ذَلِكَ الشَّخْصِ يَعْنِي يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْهِبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ إذْ لَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْأَبِ الْوَاهِبِ أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْأَبُ بَعْدَ الْهِبَةِ الْقَبْضَ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٣٨) .
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارًا لِابْنَيْهِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَثَانِيهِمَا كَبِيرٌ كَانَتْ فَاسِدَةً فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَهَبَ فَهُوَ قَابِضٌ لِحِصَّةِ الصَّغِيرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ ثُمَّ بِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ قَبْضُ الْكَبِيرِ بِالذَّاتِ وَالْهِبَةُ وَقْتَ الْقَبْضِ مُشَاعٌ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فَاسِدَةٌ أَمَّا لَوْ وَهَبَ لِابْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا مَعًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا شُيُوعَ وَقْتَ الْقَبْضِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْهِبَةِ) وَسَتَأْتِي تَفْصِيلَاتٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٥٨) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ شَيْئًا مَا لِامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِقَبْضِ زَوْجِهَا إيَّاهُ فُضُولًا.
كَذَا لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ ثَوْبًا فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ قَطْعِهِ إيَّاهُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ. (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ لِابْنَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَثْوَابًا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إيَّاهَا فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ أَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
وَقَدْ فُسِّرَ لَفْظُ كَبِيرٍ بِالْعَاقِلِ الْبَالِغِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ (٨٥١) إذَا كَانَ ابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَكَانَ مَجْنُونًا جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ.
حَادِثَةُ الْفَتْوَى: لَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ جَدَّ الصَّغِيرِ الصَّحِيحَ وَصِيًّا لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ لِتَعْيِينِهِ لِكَوْنِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٧٤) وَلِيًّا مُجْبَرًا) وَبَلَغَ السَّنَةَ الثَّامِنَةَ عَشْرَ مِنْ عُمْرِهِ وَأَصْبَحَ بِمُقْتَضَى حُكْمِ (٩٨٦) بَالِغًا، فَوَهَبَ الْجَدُّ لِحَفِيدِهِ مَالًا فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ رُشْدُهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْقَبْضُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ يُعَدُّ بِحُكْمِ الصَّغِيرِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي قَبْضِ الْجَدِّ حَيْثُ إنَّهُ يُعَدُّ الْحَفِيدُ الْمَذْكُورُ بِوُجُودِهِ تَحْتَ الْوِصَايَةِ مَحْجُورًا إذْ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ هَذَا أَمَامَ الْحَاكِمِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فَأَصْبَحَ الْحَفِيدُ بِحُكْمِ الصَّغِيرِ؟ وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا بِأَنَّ الْحَجْرَ يَرْتَفِعُ عَنْ الصَّغِيرِ بِسَبَبَيْنِ:
الْأَوَّلُ: إذْنُ الْوَلِيِّ، وَالثَّانِي بُلُوغُهُ (التَّنْقِيحُ) فَبِبُلُوغِ الصَّغِيرِ لَا تَبْقَى وِلَايَةُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بِالْبُلُوغِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى شَرْحُ الْمُلْتَقَى فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ) .