وَعَلَى هَذَا إذَا قُصِدَ بِالْمُبَايَعَةِ الْهَزْلُ وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ إذْ لَا تُغْنِي دَلَالَةُ الْحَالِ عَنْ ذَلِكَ وَحْدُهَا.
فَعَلَى الْهَازِلِ فِي بَيْعِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي إنِّي بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ هَازِلًا.
وَإِذَا تَوَاطَأَ مُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي سَيُجْرِيَانِهِ بِحُضُورِ الشُّهُودِ يُرَادُ بِهِ الْهَزْلُ فَالتَّوَاطُؤُ الَّذِي تَقَدَّمَ الْعَقْدَ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِقَصْدِ الْهَزْلِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعَ هَزْلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ هَلْ هُوَ هَزْلٌ أَوْ جِدٌّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْجِدِّ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْهَزْلِ فِي الْبَيْعِ كَأَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِنَقْصٍ فَاحِشٍ جِدًّا فَالْقَوْلُ إذْ ذَاكَ لِمُدَّعِي الْهَزْلِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْهَزْلَ مُشْتَرٍ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضَهُ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ.
[ (الْمَادَّةُ ١٦٩) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ يَكُونَانِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي]
(الْمَادَّةُ ١٦٩) :
الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ يَكُونَانِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَأَيُّ لَفْظٍ مِنْ هَذَيْنِ ذُكِرَ أَوَّلًا فَهُوَ إيجَابٌ وَالثَّانِي قَبُولٌ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت، ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا: اشْتَرَيْت، ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت، انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَيَكُونُ لَفْظُ " بِعْت " فِي الْأَوَّلِ إيجَابًا وَ " اشْتَرَيْت " قَبُولًا.
وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ، وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا بِكُلِّ لَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ إنْشَاءِ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ كَقَوْلِ الْبَائِعِ: أَعْطَيْت أَوْ مَلَّكْت وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي: أَخَذْت أَوْ تَمَلَّكْت أَوْ رَضِيت أَوْ أَمْثَالُ ذَلِكَ ".
قَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ مَا فِيهِ الْغَنِيَّةُ عَنْ التَّطْوِيلِ وَالتَّكْرَارِ بِشَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلْيُرَاجَعْ فِي مَوَاطِنِهِ.
[ (الْمَادَّةُ ١٧٠) الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ]
(الْمَادَّةُ ١٧٠) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ أَيْضًا إذَا أُرِيدَ بِهَا الْحَالُ كَمَا فِي عُرْفِ بَعْضِ الْبِلَادِ كَأَبِيعُ وَأَشْتَرِي وَإِذَا أُرِيدَ بِهَا الِاسْتِقْبَالُ لَا يَنْعَقِدُ.
فِي الْبَيْعِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا يُرَادُ مِنْهُ إيجَابُ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ".
مِثَالُ ذَلِكَ:
إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ، وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي: أَشْتَرِيهِ، وَكَانَ قَصْدُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ قَوْلِهِمَا الْحَالَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ: أَشْتَرِيه وَقَصَدَ الْحَالَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِقْبَالَ فَلَا يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَخْلُوَ عَنْ قَصْدِ الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
مُسْتَثْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ تُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ بَلَدٍ لِلْحَالِ وَغَيْرُ مُحْتَمِلَةٍ لِإِرَادَةِ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا هُوَ