[ (الْمَادَّةُ ١٨١٩) فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يُحَلِّفْهُ الْمُدَّعِي]
الْمَادَّةُ (١٨١٩) - (فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يُحَلِّفْهُ الْمُدَّعِي مَنَعَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) .
إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَعَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي مَادَّتَيْ " ١٧٤٨ و ١٧٤٩ " أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُحَلِّفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَنَعَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا كَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِحَلِفِ الْيَمِينِ وَكَانَ لَدَيْهِ شُبْهَةٌ فِي الشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَاللَّائِقُ بِهِ إرْضَاءُ خَصْمِهِ وَأَنْ لَا يَحْلِفَ الْيَمِينَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَالْإِرْضَاءِ يُتَصَوَّرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِي مَالًا فِدَاءً لِلْيَمِينِ وَيَكُونَ هَذَا الْمَالُ بَعْضًا مِثْلَ الْمُدَّعَى بِهِ وَبَعْضًا أَقَلَّ مِنْهُ وَفِي الْأَغْلَبِ يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ (الدُّرَرُ مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَلِذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْوَجْهِ الثَّانِي الْآتِي الذِّكْرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَالٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدٌ عَلَى آخَرَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُكَلِّفُهُ الْمُدَّعِي لِحَلِفِ الْيَمِينِ فَيُؤَدِّي لِلْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا فِدَاءً لِلْيَمِينِ أَوْ يُؤَدِّي عَشْرَ دَنَانِيرَ فَيَرْضَى الْمُدَّعِي وَهُوَ جَائِزٌ كَذَلِكَ إذَا صُولِحَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَرَضِيَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ صَحَّ الصُّلْحُ وَيُرْوَى أَنَّهُ أُقِيمَتْ دَعْوَى عَلَى الصَّحَابِيِّ عُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَافْتَدَى يَمِينَهُ بِإِعْطَاءِ مِقْدَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الْيَمِينَ فَقِيلَ لَهُ: لِمَاذَا لَمْ تَحْلِفْ الْيَمِينَ وَأَنْتَ صَادِقٌ فَأَجَابَ إنَّنِي أَخَافُ أَنْ أُصَابَ بِمُصِيبَةٍ ثُمَّ يَقُولُ النَّاسُ: إنَّهُ أُصِيبَ لِحَلِفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) فَإِذَا افْتَدَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ خُصُومَتِهِ مُقَابَلَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْيَمِينَ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالْإِرْضَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ تَمَلُّكِ مَالٍ مُقَابِلَ مَالٍ وَالْيَمِينُ لَيْسَ بِمَالٍ " الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى " أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ وَأَصَرَّ عَلَى طَلَبِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ رَأْيُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَهُ فَلَا يَحْلِفُ وَيُؤَدِّي الْمُدَّعَى بِهِ.
وَإِذَا كَانَ رَأْيُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَيَجُوزُ لَهُ حَلِفُ الْيَمِينِ " الْبَحْرُ " نَتِيجَةُ الْيَمِينِ: إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِ الْمُدَّعَى الْيَمِينَ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ مُوَافِقَةً لَدَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْحَلِفِ بَيِّنَةً مُوَافِقَةً لَدَعْوَاهُ فَتُقْبَلُ وَيَثْبُتُ حَقُّ الْمُدَّعِي عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute