كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّةِ شَخْصٍ مَطْلُوبٍ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَلِشَخْصٍ آخَرَ دَيْنٌ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَأَعْطَى لِذَلِكَ الشَّخْصِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ بِقَوْلِهِ: إنِّي أُعْطِي هَذِهِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ لِأَجْلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّتِي وَبِقَصْدِ إيفَائِهِ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى إلَى وَرَثَتِهِ (مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْبُورِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٧٩٤) طَلَب صَاحِب الْوَدِيعَة وَدِيعَتَهُ]
(الْمَادَّةُ ٧٩٤) إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا لَزِمَ رَدُّهَا وَتَسْلِيمُهَا لَهُ. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ يَعْنِي كُلْفَتَهُ تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إعْطَاؤُهَا لِعُذْرٍ كَوُجُودِهَا فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ الطَّلَبِ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ لَزِمَ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ لِرَسُولِهِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَتَهُ هُوَ بِمَعْنَى فَسْخِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَحَقُّ الْمُودَعِ لَهُ ثَابِتٌ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - (طَلَبَ) .
يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ طَلَبِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَطَلَبَهَا بِذَاتِهِ أَمْ أَرْسَلَ وَكِيلًا أَمْ رَسُولًا وَطَلَبَهَا بِوَاسِطَةِ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ الْمَرْقُومِ يَلْزَمُ رَدُّهَا. كَمَا سَيُفَصَّلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
٢ - (لَهُ) هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ جَائِزٌ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ بَانَ يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِفُلَانٍ يَلْزَمُ إعْطَاؤُهَا لَهُ. وَإِذَا أَعْطَاهَا لِفُلَانٍ يَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ وَحِينَمَا يُرِيدُ صَاحِبُهَا اسْتِرْدَادَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ الْمَذْكُورِ.
الرَّدُّ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ أَوْ مَنْزِلِهِ: فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَعَدَمِهِ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ وَمَنْزِلِهِ كَزَوْجَةِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَوَلَدِهِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ قَوْلَانِ: فَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ رَدُّهَا وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَرَدِّ مِلْكِ الْمَالِكِ إلَى عِيَالِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا الرَّدُّ إيدَاعًا. وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ وَأَعَادَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ لَا يَبْرَأُ.
وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْ بِيَدِ أَحَدِ مَنْ هُمْ فِي عِيَالِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ (لَهُ) لَا يَكُونُ احْتِرَازًا مِنْ عِيَالِهِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا تُرَدُّ إلَى عِيَالِهِ أَوْ إلَى مَنْزِلِهِ.
فَإِذَا رُدَّتْ وَهَلَكَتْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمَجَلَّةُ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.