أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَكَانَتْ وِرَاثَتُهُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ حَاصِلَةً بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَلْ كَانَتْ بِسَبَبٍ قَدِيمٍ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ أَيْضًا.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِأَحَدِ إخْوَانِهِ لِأَبَوَيْنِ وَبَعْدَ وَفَاةِ وَلَدِهِ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ الْمَرَضِ.
فَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ كَانَ أَخَاهُ، وَأَصْبَحَ وَارِثًا لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْأُخُوَّةَ سَبَبٌ قَدِيمٌ فَلَا يُنَفَّذُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَالْأَخُ وَارِثٌ إلَّا أَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالِابْنِ وَبِزَوَالِ الْحَاجِبِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْأَخُ قَدْ وَرِثَ بِالسَّبَبِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَالْحَجْرُ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَسَبَبُ الْإِرْثِ يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُ الْحَجْرِ إلَى مَا قَبْلَ الْعِلَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ فَأَسْلَمَ الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَيْثُ قَدْ أَصْبَحَ أَخُوهُ وَارِثًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِرْثِ كَانَتْ قَائِمَةً وَقْتَ الْإِقْرَارِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِأَجْنَبِيٍّ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ وَلَدُهُ، وَكَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ وَصَدَّقَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ لِوُجُودِ الْوِرَاثَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ.
أَمَّا إذَا كَذَّبَ الْأَجْنَبِيُّ كَوْنَهُ وَلَدًا لِلْمَيِّتِ، أَوْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٦٠٠) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ]
الْمَادَّةُ (١٦٠٠) - (إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى وَارِثِهِ فِي زَمَانِ صِحَّتِهِ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ، كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ حَالَ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إيَّاهُ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ يُجِزْهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ) .
إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ حَالَ كَوْنِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ أَمَّا الْإِقْرَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِالْإِسْنَادِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحُكْمُهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٦٠٦) .
فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى وَارِثِهِ مِنْ جِهَةٍ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ، أَوْ الْقَرْضِ أَوْ الْإِجَارَةِ فِي زَمَانِ صِحَّتِهِ مِنْ وَارِثِهِ الْمَذْكُورِ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الِاسْتِيفَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ.
مَثَلًا.
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ قَبْلَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ الدَّارِ الَّتِي بَاعَهَا لَهُ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَمَا لَمْ يُثْبِتْ الْقَبْضَ بِالْبَيِّنَةِ فَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ فِي الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ.