للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثَالٌ لِلدَّيْنِ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا جَاءَ غَدًا فَلْتَكُنْ لَك الْأَلْفُ قِرْشٍ الَّتِي لِي عَلَيْك دَيْنًا، أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهَا أَوْ إذَا أَعْطَيْت نِصْفَ الدَّيْنِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ أَوْ فَلْيَكُنْ لَكَ النِّصْفُ الْآخَرُ تَكُونُ بَاطِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا: إذَا تُوُفِّيَتْ فِي هَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي، كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا: إذَا تُوُفِّيتُ بِهَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْهُ أَوْ فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ مِنِّي، كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بَاطِلًا وَبَقِيَ الْمَهْرُ كَالْأَوَّلِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إذَا أَنَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ فَأَنْتَ فِي حِلِّ الدَّيْنِ، صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى شَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ كَأَنْ يَقُولُ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إذَا كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا وَيَتِمُّ الْإِبْرَاءُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) .

وَتَعْبِيرُ الْهِبَةِ الْمُضَافَةِ احْتِرَازٌ عَنْ الْعُمْرَى؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ هِبَةً مُضَافَةً.

الْعُمْرَى: هِيَ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: " أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَا دُمْت حَيًّا عَلَى أَنْ تُرَدَّ لِي بَعْدَ وَفَاتِكَ " أَوْ (أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَا دُمْت حَيًّا عَلَى أَنْ تُرَدَّ لِوَرَثَتِي بَعْدَ وَفَاتِي) فَالتَّمْلِيكُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ جَائِزٌ وَلَوْ تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يُرَدُّ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَيُصْبِحُ إرْثًا لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الدُّرَرُ) ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى بِشَرْطِ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُعَمَّرِ لَهُ بِمَا أَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ كَانَ التَّمْلِيكُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يُفْسِدُهُ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٣) (الزَّيْلَعِيّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .

كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ (الدُّرَرُ) .

وَكَمَا تَكُونُ الْعُمْرَى فِي الْعَقَارِ تَكُونُ أَيْضًا فِي الْمَنْقُولَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ أَيْضًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٨٥٥) الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَض]

(الْمَادَّةُ ٨٥٥) - (تَصِحُّ الْهِبَةُ بِشَرْطِ عِوَضٍ وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا عِوَضًا أَوْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الْمَعْلُومَ الْمِقْدَارِ تَلْزَمُ الْهِبَةُ، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَسَلَّمَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَقُومَ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى الْمَمَاتِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَاضِيًا بِإِنْفَاقِهِ حَسَبَ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ إذَا نَدِمَ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَاسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْعَقَارِ) .

إنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ اللَّتَيْنِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ صَحِيحَتَانِ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٣) . وَالصَّدَقَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) .

" ١ " - عِوَضًا: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ هُنَا مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ حَقِيقِيًّا كَمَا فِي مِثَالَيْ الْمَجَلَّةِ الْآتِيَيْ الذِّكْرِ أَوْ حُكْمِيًّا كَالسُّكْنَى مَعًا وَعَدَمِ التَّطْلِيقِ وَتَرْكِ الظُّلْمِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>