يَكُونُ الْوَصْفُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الثَّانِي - أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْصُوفُ مِنْ جِنْسِ الْوَصْفِ - يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ أَيْضًا، هَذَا وَإِنَّ الشَّيْءَ الْمُسَمَّى وَالْمَوْصُوفَ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ؛ كَانَ الْعَاقِدَانِ لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْوَصْفُ حِينَئِذٍ مُعْتَبَرًا وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالشَّيْءِ الْمُسَمَّى أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَوْصُوفِ لَا بِالشَّيْءِ الْمُشَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُوَ مَثَلٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَصْفٍ تَابِعٍ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَالْإِشَارَةُ أَقْوَى مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ هُمَا وَصْفٌ لِلْمَاهِيَّةِ وَتَعْرِيفٌ لَهَا، وَبِمَا أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فِيهِمَا تَكُونُ تَسْمِيَتُهَا وَالْوَصْفُ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْإِشَارَةَ تَقْطَعُ الِاشْتِرَاكَ وَتُزِيلُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ فَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَقْوَى مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفِ، فَعَلَيْهِ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يُرَجَّحُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي.
مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا أَشَارَ الْبَائِعُ إلَى فَصٍّ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ مُخَاطِبًا الْمُشْتَرِيَ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْأَلْمَاسَ وَكَانَ ذَلِكَ الْفَصُّ بَلُّورًا فَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ تَعَلَّقَ بِالْأَلْمَاسِ وَبِمَا أَنَّ الْوَصْفَ هُنَا مُعْتَبَرٌ وَالْأَلْمَاسُ مَعْدُومٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَكَانَ الْعَاقِدَانِ عَالِمَيْنِ بِذَلِكَ فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَشَارَ شَخْصٌ إلَى جَمَلٍ قَائِلًا لِلْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ وَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ حِمَارًا، بَلْ جَمَلًا، وَقَبِلَ الشِّرَاءَ، فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْجَمَلِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْحِمَارِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، إذْ التَّعْرِيفُ بِالشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: بِالْإِشَارَةِ لَعَيْنِهِ.
وَالثَّانِي: بِتَسْمِيَتِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَ الِاثْنَانِ فَالِاعْتِبَارُ لِلْعَيْنِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ.
[ (الْمَادَّةُ ٦٦) السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ]
(الْمَادَّةُ ٦٦) السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ يَعْنِي أَنَّ مَا قِيلَ فِي السُّؤَالِ الْمُصَدَّقِ كَانَ الْمُجِيبُ الْمُصَدِّقُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَشْبَاهِ، وَبِمَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ ذَكَرُوهَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.
قُلْنَا: إنَّ الْقَاعِدَةَ مَذْكُورَةٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ وَإِلَيْكَ التَّفْصِيلُ: إذَا وَرَدَ كَلَامٌ جَوَابًا عَلَى سُؤَالٍ فَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَوَابُ فَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى السُّؤَالِ وَيَكُونُ السُّؤَالُ مَعَادًا فِي الْجَوَابِ ضِمْنًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَوَابُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ إنْشَاءً فِي الظَّاهِرِ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ جَوَابًا خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا قَالَ الْمُجِيبُ: إنَّمَا قَصَدْتُ الْجَوَابَ بِكَلَامِي يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً.
مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ بِطَرِيقِ الْفُضُولِ مَالًا مِنْ آخَرَ وَبَلَّغَ الْبَائِعُ صَاحِبَ الْمَالِ، وَبَيْنَمَا هُوَ يَفْتَكِرُ فِي ذَلِكَ سَأَلَهُ سَائِلٌ قَائِلًا: هَلْ تَأْذَنُنِي بِإِجَازَةِ ذَلِكَ الْبَيْعِ.؟ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَذِنْتُكَ بِالْإِجَازَةِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ إذَا أَجَازَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَأْذُونُ بِالْإِجَازَةِ، كَذَا لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute