عَلَى الْإِطْلَاقِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ) .
قَدْ ذَكَرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مِنْ التَّقْيِيدِ فَالتَّقْيِيدُ بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ يُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ مِنْهُ مَوْجُودًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرَ مَوْجُودٍ كَمَا تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ وَيُوجَدُ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ تَقْيِيدُ الْعَارِيَّةِ بِالتَّوْقِيتِ.
وَحَيْثُ إنَّهُ يَجُوزُ تَوْقِيتُ الْعَارِيَّةِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٢٦) فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي جَرَى تَوْقِيتُهَا لِأَجْلِ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا عِنْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ وَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى تَخْلِيصِ الْمَرْهُونِ وَرَدِّهِ إلَى الْمُعِيرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٣٢ ". لَكِنْ بَيْنَمَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُقَيَّدًا لِلْمُعِيرِ فِي الْمَجَلَّةِ أَصْبَحَتْ فَائِدَتُهُ عَائِدَةً إلَى الْمُسْتَعِيرِ. إنَّمَا يَجِبُ الِانْتِبَاهُ إلَى أَنَّ مَوْضُوعَ الْبَحْثِ هُنَا هُوَ تَوْقِيتُ الْعَارِيَّةِ بِقَصْدِ الرَّهْنِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ رَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يُمْنَعُ الْمُعِيرُ مِنْ طَلَبِ الْمُسْتَعَارِ فِي الْحَالِ.
مَثَلًا إذَا رَهَنَ رَجُلٌ وَسَلَّمَ مَالًا اسْتَعَارَهُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي أَجَّلَهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ فَلِلْمُعِيرِ حَقٌّ بِأَنْ يُؤَاخِذَ الْمُسْتَعِيرَ فِي الْحَالِ يَعْنِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ اسْتِخْلَاصَ الْمُسْتَعَارِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ الْأَنْقِرْوِيُّ
[لَاحِقَةٌ فِي رَهْنِ الْمَغْصُوبِ]
إذَا اغْتَصَبَ رَجُلٌ مَالَ رَجُلٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَهُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَكُونُ الرَّهْنُ السَّابِقُ نَافِذًا وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بِهَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مِلْكِيَّةَ الرَّاهِنِ ثَبَتَتْ بَعْدَ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلرَّاهِنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٩١٠) وَيَنْقَلِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرَّهْنُ إلَى الصِّحَّةِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَا سَيَبِينُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ مِلْكَ الْمَرْهُونِ بِالضَّمَانِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَيَكُونُ تَقَدُّمُ مِلْكِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ. (الدُّرَرُ) وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ الْقَبْضُ وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا يَنْفُذُ الرَّهْنُ بِمِلْكٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْعَقْدِ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلِ فِيمَنْ يَرْهَنُ مَالَ الْغَيْرِ مِنْ الرَّهْنِ وَفِيهِ تَفْصِيلُ رَهْنِ الْمَغْصُوبِ فَلْيُرَاجَعْ) .
فَإِذَا ادَّعَى فِي هَذِهِ " الصُّورَةِ صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّ الْمَرْهُونَ غُصِبَ مِنْهُ وَأَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ عَلَى الرَّاهِنِ. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَوْجُودَ فِي يَدِهِ مِلْكَ فُلَانٍ غَصَبَهُ الرَّاهِنُ مِنْهُ وَرَهَنَهُ عِنْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ. كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الرَّاهِنِ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٨) بِنَاءً عَلَيْهِ يَأْخُذُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ. وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute