للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ خِيَارِ الْخِيَانَةِ]

إذَا ظَهَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّ رِضَاءَ الْمُشْتَرِي قَدْ زَالَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ " خِيَارُ الْخِيَانَةِ ".

الْخِيَانَةُ: تَكُونُ أَوَّلًا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ كَأَنْ يَضُمَّ الْبَائِعُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ مَصْرِفًا لَا يَجُوزُ ضَمُّهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَنْ يُبَيِّنَ مَثَلًا مَالًا كَلَّفَهُ تِسْعَةَ رِيَالَاتٍ فَيَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا ثُمَّ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا بِالْإِقْرَارِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَلَّفَهُ ثَمَانِيَةَ رِيَالَاتٍ فَقَطْ؛ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى.

ثَانِيًا: تَكُونُ الْخِيَانَةُ فِي الْأَجَلِ وَمِثَالُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا ثَمَنًا مُؤَجَّلًا فَيَبِيعَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءَهُ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ اطِّلَاعِهِ مُخَيَّرًا؛ فَلَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ وَلَهُ قَبُولُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مُعَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ شَبَهٌ بِالْمَبِيعِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ كَانَ تَأْجِيلُهُ مَعْرُوفًا وَثَبَتَ تَأْجِيلُهُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ ٢٥١ فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ لَا يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ وَلَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ خِيَارُ الْخِيَانَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا.

كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ.

٢٧ - إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فِي التَّوْلِيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ الْخِيَانَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى مُعْتَبَرًا؛ فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ تَوْلِيَةً بَلْ يَكُونُ مُرَابَحَةً.

أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى فِي الْمُرَابَحَةِ؛ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ انْقِلَابَ صِفَةِ الْمَبِيعِ بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ عَقْدَ مُرَابَحَةٍ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِي الْمُرَابَحَةِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى مَعَ حِفْظِ حَقِّ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي.

٢٨ - إذَا ظَهَرَتْ الْخِيَانَةُ فِي الْوَضِيعَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْوَضِيعَةُ تَبْقَى وَضِيعَةً مَعَ الْخِيَانَةِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِذَا خَرَجَتْ الْوَضِيعَةُ عَنْ الْوَضِيعَةِ فَالْمُشْتَرِي يَضْبِطُ الْمَبِيعَ مَعَ تَنْزِيلِ مِقْدَارِ الْخِيَانَةِ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا مُبَيِّنًا أَنَّهُ كَلَّفَهُ عِشْرِينَ قِرْشًا فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَلَّفَهُ ثَمَانِيَةَ قُرُوشٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ؛ فَلَهُ أَخْذُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَلَهُ تَرْكُ الْمَبِيعِ.

٢٩ - يَسْقُطُ خِيَارُ الْخِيَانَةِ أَوَّلًا بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ لَا تُوَرَّثُ فَعَلَيْهِ إذَا اطَّلَعَ الْوَارِثُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُشْتَرِي عَلَى خِيَانَةِ الْبَائِعِ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ.

ثَانِيًا: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ، أَوْ حَدَثَ سَبَبٌ آخَرُ مَانِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>