وَكَوْنُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ صَحِيحَةً هُوَ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ قَدْ أُضِيفَتْ إلَى زَمَانِ قَبْضِ الدَّيْنِ؛ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَدْ كَانَ عَيْنًا (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً. يَقْبِضُ الْكُلَّ وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْكُلَّ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ ضَمِنَ وَلَوْ عَمِلَ بِهِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْكُلِّ بِخِلَافِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (فُلَانٌ) أَنَّهُ لَا يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِكَذَا دِرْهَمًا الَّذِي فِي ذِمَّتِك مُضَارَبَةً، وَعَمِلَ الْمُضَارِبُ لَا يَصِحُّ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِنَاءً عَلَى هَذَا بَعْضَ أَمْوَالٍ كَانَتْ لَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُضَارِبِ عَلَى حَالِهِ (الْبَحْرُ وَالدُّرَرُ)
[ (الْمَادَّةُ ١٤١٠) تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ]
الْمَادَّةُ (١٤١٠) - (يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ) أَيْ يُشْتَرَطُ ابْتِدَاءً وَبَقَاءُ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِرَبِّ الْمَالِ يَدٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَلَا تَتِمُّ الْأَمَانَةُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٤٠٤) مَالًا مِنْ طَرَفٍ وَعَمَلًا مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالْعَمَلِ فِيهِ، أَمَّا الشَّرِكَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ مِنْ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ، فَإِذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مُسْتَقِلًّا لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أُخِلَّ بِشَرْطِ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً وَذَلِكَ إذْ شُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فَبِمَا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ فَهُوَ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (الدُّرَرُ) سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ كَإِعْطَاءِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ الصَّغِيرِ فِيهِ وَقُيِّدَ (بِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَالٍ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَأَنْ يَكُونَ مُضَارِبًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَجُوزُ شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ أَهْلًا فَلَا يَجُوزُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَمَلُ شَرِيكِ رَبِّ الْمَالِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَمَلُ الْمَالِكِ لَا الْعَاقِدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَكَذَا اشْتِرَاطُ عَمَلِ الْمُضَارِبِ مَعَ مُضَارَبَةٍ أَوْ عَمَلِ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ وَسَلَّمَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَسَلَّمَ بِرِضَائِهِ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ لِرَبِّ الْمَالِ جَازَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ كَعَمَلِ الْمُضَارِبِ وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ مُعِينًا لِلْمُضَارِبِ فِي إقَامَةِ الْعَمَلِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى سَبِيلِ الْبِضَاعَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ قَدْ تَحَقَّقَ وَالْإِيضَاعُ تَوْكِيلٌ مِنْ الْمُضَارِبِ وَكَمَا أَنَّ لِلْمُضَارِبِ حَقًّا بِالِاسْتِعَانَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الْحَقُّ بِالِاسْتِعَانَةِ بِرَبِّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (تَكْمِلَةُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute