[لَاحِقَةٌ تَحْتَوِي عَلَى سِتَّةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ]
إنَّ الْمَبِيعَ الْكَثِيرَ الْوُقُوعِ وَالْمُعْتَادَ هُوَ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ؛ فَلَا يَجْرِي فِي هَذَا الْبَيْعِ خِيَارُ الْخِيَانَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ السَّائِرَةُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي هَذِهِ اللَّاحِقَةِ.
١ - الْمُرَابَحَةُ تَكُونُ فِي الْمَالِ الَّذِي يُتَمَلَّكُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَالْغَصْبِ وَالضَّمَانِ.
فَعَلَيْهِ يَجُوزُ لِشَخْصٍ مَالِكٍ لِعُرُوضٍ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمُبَيَّنَةِ أَعْلَاهُ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا لَهَا وَيَتَّخِذَهُ فِي مَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبِيعَ تِلْكَ الْعُرُوضَ مُرَابَحَةً وَالْحُكْمُ فِي التَّوْلِيَةِ هُوَ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ يَمْلِكُ عُرُوضًا بِسَبَبِ الشِّرَاءِ، أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ، أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الضَّمَانِ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا لَهَا وَيَبِيعَهَا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ.
إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَبِيعَ مَالًا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ فَقَالَ فِي إيجَابِهِ: قَدْ بِعْت مَالِي هَذَا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ بِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ بَائِعُهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَبِهَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ ٢٤ وَ ٣٢٧.
٢ - يُعْتَبَرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ الثَّمَنُ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّانِي الَّذِي كَانَ بَدَلًا عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، مَثَلًا: لَوْ أَدَّى شَخْصٌ مُقَابِلَ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ حِصَانًا؛ فَلَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ رَأْسَ الْمَالِ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَأَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَنَّ الْحِصَانَ رَأْسُ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا عِبَارَةً عَنْ مُعَامَلَةِ اسْتِبْدَالٍ وَمَا هِيَ إلَّا عَقْدٌ آخَرُ.
كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَرَهَنَ مَالًا عِنْدَ الْبَائِعِ مُقَابِلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَتَلِفَ ذَلِكَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا تَجْرِي الْمُرَابَحَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ بَلْ تَجْرِي عَلَى الْخَمْسِينَ رِيَالًا.
٣ - إذَا بَاعَ شَخْصٌ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ مَالًا مُرَابَحَةً عَلَى كَوْنِ رَأْسِ مَالِهِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي تَأْدِيَةَ الثَّمَنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ مَقْصِدَهُ مِنْ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ، ذَهَبَاتٌ إنْكِلِيزِيَّةٌ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَقْصِدَ كَانَ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةً وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ؛ فَالْبَائِعُ إنَّمَا يَأْخُذُ رَأْسَ الْمَالِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة الذَّهَبُ الْعُثْمَانِيُّ أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ إنْكِلِيزِيَّةٍ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا.
٤ - إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ فَيُبَاعُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute