للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ٤٣) الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا]

(الْمَادَّةُ ٤٣) :

الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا وَفِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ عِبَارَاتٌ أُخْرَى بِهَذَا الْمَعْنَى " الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ " وَ " الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْعًا " و " الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ " وَالْمَعْرُوفُ بِالْعُرْفِ كَالْمَشْرُوطِ بِاللَّفْظِ، وَقَدْ سَبَقَ لَنَا أَنْ عَرَّفْنَا الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ. فَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: لَوْ اشْتَغَلَ شَخْصٌ لِآخَرَ شَيْئًا وَلَمْ يَتَقَاوَلَا عَلَى الْأُجْرَةِ يُنْظَرُ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ يَشْتَغِلُ بِالْأُجْرَةِ عَادَةً يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعَمَلِ عَلَى دَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا بِعَشْرِ لِيرَاتٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَ اللِّيرَةِ يُرْجَعُ إلَى النَّوْعِ الْمُتَعَارَفِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَارَفُ اللِّيرَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ مَثَلًا فَتُعْتَبَرُ هِيَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ ذُكِرَتْ. كَذَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ بَقَرَةً فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ شِرَائِهَا أَنَّهَا غَيْرُ حَلُوبٍ وَأَرَادَ رَدَّهَا، يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ مِمَّنْ يَشْتَرِي لِلذَّبْحِ كَأَنْ يَكُونَ قَصَّابًا لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يَشْتَرِي لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِحَلِيبِهَا تُرَدُّ، كَذَلِكَ لَوْ سَكَنَ شَخْصٌ دَارًا لِآخَرَ مُعَدَّةً لِلْأُجْرَةِ بِدُونِ إذْنِهِ وَبِدُونِ تَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ تَأْوِيلِ عَقْدٍ، يَلْزَمُهُ دَفْعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عُرْفًا، وَيَكُونُ كَأَنَّ السَّاكِنَ شَرَطَهَا عَلَى نَفْسِهِ حِينَ سُكْنَاهُ لِلدَّارِ، وَكَذَا الَّذِي يَنَامُ فِي الْفُنْدُقِ وَالْمُغْتَسِلِ فِي الْحَمَّامِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ تُوجِبُ دَفْعَهَا وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الْأَبُ لِابْنَتِهِ الْعَرُوسِ حُلِيًّا أَوْ بَعْضَ جَهَازٍ لِبَيْتِهَا، وَادَّعَى بَعْدَ الْعُرْسِ أَنَّهُ عِيَارَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ الْأَبُ يَكُونُ عِيَارَةً يُحْكَمُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ هِبَةً، وَكَذَا لَوْ كَانَ تَرْكُ رَاعِي الْقَرْيَةِ الْمَوَاشِيَ عَلَى رَأْسِ زُقَاقِ الْقَرْيَةِ مُعْتَادًا، ثُمَّ هِيَ تَتَفَرَّقُ إلَى دُورِ أَهْلِهَا، فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَادُ أَنْ يُوَصِّلَ كُلَّ ثُلَّةٍ إلَى مَحِلِّ صَاحِبِهَا يَضْمَنُ، وَيُعَدُّ مُقَصِّرًا لِتَرْكِهِ إيَّاهَا عَلَى رَأْسِ الزُّقَاقِ. (الْمَادَّةُ ٤٤) :

الْمَعْرُوفُ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمْ.

إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ عَيْنُ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ

[ (الْمَادَّةُ ٤٥) التَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ]

(الْمَادَّةُ ٤٥) :

التَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ.

يَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فُرُوعٌ مِنْهَا الْإِعَارَةُ الْمُطْلَقَةُ الْمُتَقَيِّدَةُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ.

مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ آخَرَ دَابَّةً إعَارَةً مُطْلَقَةً لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهَا أَوْ يُحَمِّلَهَا غَيْرَ الْمُعْتَادِ الْمُتَعَارَفِ، فَلَوْ حَمَّلَهَا حَدِيدًا أَوْ سَلَكَ بِهَا طَرِيقًا وَعْرًا وَكَانَ تَحْمِيلُ الْحَدِيدِ وَسُلُوكُ تِلْكَ الطَّرِيقِ غَيْرَ مُعْتَادٍ يَضْمَنُ.

كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَكَالَةً مُطْلَقَةً تُعْتَبَرُ عَادَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ مُضِرًّا بِالْمُوَكِّلِ، فَلَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَكَالَةً مُطْلَقَةً فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفِ التَّأْجِيلِ بَيْنَ التُّجَّارِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعْتَادِ، كَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ، كَمَا جَاءَ فِي مَادَّةِ (١٤٩٩) لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهُ إنْ كَانَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ عَادَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>