للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي بَلْ الِانْتِفَاعُ لِلْمُحْيِي فِيهِ فَقَطْ، وَبِمُوجِبِ قَانُونِ الْأَرَاضِي الْمَرْعِيِّ الْإِجْرَاءِ لَا يُؤْذَنُ لِأَحَدٍ بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي بَلْ يُؤْذَنُ بِالْإِحْيَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْأَرْضِ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُصْبِحُ الْأَرْضُ الْمُحْيَاةُ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَوْعَيْ هَذِهِ الْأَرَاضِي هُوَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْمَمْلُوكَةَ تُوقَفُ وَتُرْهَنُ وَتُوهَبُ وَتُبَاعُ وَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهَا وَتُورَثُ أَمَّا الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ فَلَا تُوقَفُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهَا وَلَا تُورَثُ لِعُمُومِ الْوَرَثَةِ بَلْ تَنْتَقِلُ انْتِقَالًا عَادِيًّا حَسَبَ قَانُونِ الْأَرَاضِي.

حَيْثُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٢٧٧ وَ ١٢٧٨) الْأُمُورَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحْجِيرُ ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَادَّةِ (١٢٧٩) حُكْمَ التَّحْجِيرِ فَكَانَ ذَلِكَ تَرْتِيبًا حَسَنًا، وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ تَأْتِيَ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَقِبَ الْمَوَادِّ (١٢٧٤ وَ ١٢٧٥ وَ ١٢٧٦) .

[ (الْمَادَّةُ ١٢٧٣) إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا]

الْمَادَّةُ (١٢٧٣) - (إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا فَيَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَحْيَاهُ وَلَا يَمْلِكُ بَاقِيَهَا، لَكِنْ إذَا بَقِيَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا جُزْءٌ خَالٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ لَهُ أَيْضًا) .

إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا الْوَاقِعَ فِي نَاحِيَةٍ وَطَرَفٍ مِنْهَا فَيَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَحْيَاهُ وَلَا يَمْلِكُ بَاقِيَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِعْمَارِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

مَثَلًا لَوْ أَحْيَا أَحَدٌ أَرْبَعِينَ دُونَمًا مِنْ طَرَفِ أَرْضٍ مَوَاتٍ مِسَاحَتُهَا خَمْسُونَ دُونَمًا بِالْبِنَاءِ أَوْ الزِّرَاعَةِ وَتَرَكَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا عَشَرَةَ دُونَمَاتٍ بِلَا إحْيَاءٍ فَلَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْعَشَرَةَ الدُّونَمَاتِ بَلْ يَمْلِكُ الْأَرْبَعِينَ دُونَمًا الَّتِي أَحْيَاهَا وَبَاقِي الْأَرْضِ يُعْطَى بَعْدَ مُرُورِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ عَلَى إحْيَائِهَا لِآخَرَ لِلْإِحْيَاءِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. لَكِنْ إذَا بَقِيَ فِي وَسَطِ الْأَرَاضِي الَّتِي أَحْيَاهَا جُزْءٌ خَالٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِلْكًا لِلْمُحْيِي أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ) . لِأَنَّ أَرْبَعَةَ أَطْرَافِ هَذَا الْجُزْءِ الَّذِي بَقِيَ فِي الْوَسَطِ هُوَ مِلْكٌ لِلْمُحْيِي فَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَحَلُّ بِدُونِ طَرِيقٍ فَلَا يُمْكِنُ إعْطَاءُ أَحَدٍ إذْنًا بِإِحْيَائِهِ، مَثَلًا لَوْ بَذَرَ أَحَدٌ بَذْرًا فِي قِسْمٍ مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ أَوْ أَنْشَأَ أَبْنِيَةً فِيهَا فَيَكُونُ الْقِسْمُ الَّذِي بَذَرَ فِيهِ الْبَذْرَ أَوْ أَنْشَأَ فِيهِ الْأَبْنِيَةَ قَدْ أُحْيَا وَلَا يُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا إذَا كَانَ هَذَا الْبَاقِي وَاقِعًا فِي وَسَطِ الْأَرْضِ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمُحْيِي أَيْضًا وَقَدْ قُدِّرَ هَذَا الْمَحَلُّ بِنِصْفِ دُونَمٍ أَمَّا الطُّورِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْمَوَاتُ وَسَطَ الْإِحْيَاءِ يَكُونُ إحْيَاءً لِلْكُلِّ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " جُزْءٌ مِنْهُ " لَا يُخَالِفَانِ بَيَانَ الطُّورِيِّ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَإِذَا كَانَ الْمِقْدَارُ الْمُحْيَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ تِلْكَ الْأَرْضِ فَيُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا وَإِذَا كَانَ الْبَاقِي نِصْفَ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا (الْهِنْدِيَّةُ) وَيُرَى أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>