للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. وَلَكِنْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فِي أَيِّ حَالٍ.

الْفَرْقُ بَيْنَ الْحِفْظِ عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْإِيدَاعِ لِلْغَيْرِ: إذَا حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْأَمِينِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَهَا لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٩٠) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ فَيَحْصُلُ بِنَاءً عَلَى هَذَا تَنَافٍ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَادَّةَ (٧٩٠) مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَ آخَرَ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ أَمِينِهِ فَقَطْ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٨١) لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ]

لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ الْمُمَاثِلِ لِلْوَدِيعَةِ.

مَكَانُ الْحِفْظِ: يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ (حَيْثُ يَحْفَظُ) أَنَّ مَحِلَّ الْحِفْظِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْجُورَ وَالْمُسْتَعَارَ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتِهِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ وَفِي غُرْفَتِهِ وَفِي دُكَّانِهِ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَوْ يَسْتَعِيرَ مَحِلًّا مُعَيَّنًا وَيَحْفَظَهَا فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ مَالٌ هُنَالِكَ.

وَكَمَا أَنَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَضَعَ الدَّرَاهِمَ الْمَوْدُوعَةَ فِي جَيْبِهِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا وَضَعَهَا فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ إلَى مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَسُرِقَتْ هُنَاكَ أَوْ ضَاعَتْ بِصُورَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ مَالَهُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ وَاسْتَعَارَهُ وَأَنْ يَضَعَ دَرَاهِمَهُ فِي جَيْبِهِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَيْضًا.

وَإِنَّمَا إذَا سَكِرَ الْمُسْتَوْدَعُ وَزَالَ عَقْلُهُ وَفُقِدَتْ الدَّرَاهِمُ فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى لُزُومِ الضَّمَانِ.

وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي حَفِظَ شَخْصٌ آخَرُ مَالَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ مَالَهُ الَّذِي لَيْسَ مُمَاثِلًا لِلْوَدِيعَةِ عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ شَخْصٌ آخَرُ مَالَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنَّمَا هُوَ بِيَدِ الشَّخْصِ الْمَرْقُومِ فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَضْعُهُ الْوَدِيعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَهَا لِلْغَيْرِ أَيْ لِشَخْصٍ لَيْسَ أَمِينًا وَهَذَا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٧٩٠) مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ (الْبَحْرُ) .

فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يُبْحَثُ عَنْ مَحِلِّ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ.

يُشْتَرَطُ فِي مَحِلِّ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَكُونَ مَحِلًّا مَحْفُوظًا.

حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ الْوَدِيعَةَ فِي دَارٍ مَكْشُوفَةِ الْأَطْرَافِ غَيْرِ مُحَاطَةٍ بِحَائِطٍ وَغُرَفُهَا عَارِيَّةٌ عَنْ الْأَبْوَابِ وَخَرَجَ مِنْهَا وَذَهَبَ وَقْتُ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ. وَقَدْ سُئِلْت عَنْ خَيَّاطَةٍ فِي دَارٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ خَرَجَتْ مِنْهَا هِيَ وَزَوْجُهَا لَيْلًا لِعُرْسِ جَارَتِهَا فَسُرِقَتْ ثِيَابُهَا مِنْهَا فَأَفْتَيْت بِالضَّمَانِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُعَدُّ تَضْيِيعًا. تَأَمَّلْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَخْذُ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ: إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ذَاهِبًا إلَى مَحِلٍّ بَعِيدٍ أَوْ قَرِيبٍ وَكَانَ الطَّرِيقُ أَمِينًا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ.

سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مُحْتَاجَةً إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ أَمْ لَمْ تَكُنْ (الْبَحْرُ) . كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>