وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ طَاحُونَيْنِ وَكَانَتْ مَجَارِي الْمِيَاهِ تَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ وَلَمْ تَكُنْ الْمِيَاهُ كَافِيَةً لِإِدَارَةِ طَاحُونَةٍ وَاحِدَةٍ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ إصْلَاحُ مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ عَلَى الْآجِرِ وَتَسْلِيطُ الْمِيَاهِ عَلَى الطَّاحُونَيْنِ يُدِيرُهُمَا إدَارَةً غَيْرَ كَافِيَةٍ لِلطَّحْنِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ تَامَّةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦ ٥) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ قَلِيلَةً لِدَرَجَةٍ لَوْ سُلِّطَتْ عَلَى كِلَا الطَّاحُونَيْنِ مَعًا فَلَا تُدِيرُهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا سُلِّطَتْ عَلَى طَاحُونٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ أَدَارَتْهَا لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ طَاحُونٍ وَاحِدَةٍ فِي حَالِ عَدَمِ فَسْخِهِ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ وَإِذَا وُجِدَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ وَكَانَتْ الْمِيَاهُ تُدِيرُ ذَاتَ الْأُجْرَةِ الْكَثِيرَةِ لَزِمَتْ أُجْرَتُهَا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ إصْلَاحُ النَّهْرِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ عَائِدًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَهُ أَجْرُ كِلَا الطَّاحُونَيْنِ تَامًّا لِأَنَّهُ يَكُونُ هُوَ الْمُعَطِّلُ (الْأَنْقِرْوِيّ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ إصْلَاحُ مِيَاهِ الطَّاحُونَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٦) .
وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ لِلطَّاحُونِ الَّتِي انْقَطَعَتْ مِيَاهُهَا مَاءً مِنْ نَهْرٍ آخَرَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ تَصْرِيفُ الْمِيَاهِ مِنْ النَّهْرِ إلَى الطَّاحُونَةِ مُمْكِنًا بِلَا حَفْرٍ وَلَا مَئُونَةٍ فَالِاسْتِئْجَارُ صَحِيحٌ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَازِمَةً سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ مِيَاهَ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٤٧٠) بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ تَصْرِيفُ الْمِيَاهِ يَحْتَاجُ إلَى حَفْرٍ وَمَئُونَةٍ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتْرُكَ قَبْلَ إتْمَامِ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُجْبَرًا عَلَى إصْلَاحِ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ أَمَّا بَعْدَ إتْمَامِ الْحَفْرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ الْمَاءَ إلَى زَرْعِهِ وَيَتْرُكَ الْإِجَارَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ فَإِنْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ فِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ يَذْهَبُ فِيهِ زَرْعُهُ وَيُضَرُّ مَالُهُ أَضْرَارًا عَظِيمَةً إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهُ جُعِلَ هَذَا عُذْرًا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِجَارَةَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَالْبَزَّازِيَّة) .
النَّوْعُ الثَّانِي: الْعَيْبُ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ كَذَهَابِ عَيْنِ الْخَادِمِ أَوْ سُقُوطِ شَعْرِهِ أَوْ كَانْهِدَامِ حَائِطٍ فِي الدَّارِ لَا مَنْفَعَةَ مِنْهَا مُطْلَقًا وَهَذَا النَّوْعُ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْعَيْنُ وَهَذَا النَّقْصُ حَصَلَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٥١٥) حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ]
(الْمَادَّةُ ٥١٥) لَوْ حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ كَالْمَوْجُودِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ.
إذَا حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ مِنْ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورِينَ آنِفًا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كُلِّهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute