للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَإِذَا رَهَنَ الْوَصِيُّ مَالَ الْمُتَوَفَّى عِنْدَ الْوَرَثَةِ وَمُقَابِلَ الدَّيْنِ الْحَاصِلِ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَكَانُوا حَاضِرِينَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ الرَّهْنُ بِالِاتِّفَاقِ لَا عَلَى الْكِبَارِ وَلَا عَلَى الصِّغَارِ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ بِحَقِّ كِلَا الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ مَشَاعِيَّةَ الرَّهْنِ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ وَالْفَسَادُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ.

وَسَنَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ بِبَيَانِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَهْنِ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ التَّرِكَةِ: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ الْمُنْحَصِرُ الْإِرْثِ فِيهِ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ يَصِحُّ، وَإِذَا وُجِدَ دَيْنٌ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ بِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ الدَّائِنِ وَيُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُوفَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَكِنْ إذَا أَوْفَى الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ جَازَ الرَّهْنُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) .

ثَانِيًا - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّالِفَةِ هُوَ دَيْنُ التَّرِكَةِ الْمَوْجُودِ حِينَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْحَاصِلُ عَلَى التَّرِكَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِآخَرَ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ تُوُفِّيَ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا بِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ مِنْ التَّرِكَةِ فَالدَّيْنُ الَّذِي طَرَأَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُخِلُّ بِجَوَازِ الرَّهْنِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ وَقْتَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ فَالْمَرْهُونُ يَكُونُ خَالِيًا مِنْ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَمِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَقِلِّ، وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَلُحُوقُ الدَّيْنِ لَا يُخِلُّ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يُبْطِلُهُ. ثَالِثًا - إنَّ ضَبْطَ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ كَوْنَهُ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٌ لَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ الَّتِي صُوِّرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ ضُبِطَ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاتِهِ مِنْ قِبَلِ مُسْتَحِقٍّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَبَ رَدُّ ثَمَنِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ إذَا وَقَعَ أَحَدٌ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي حَفَرَهَا الْمُتَوَفَّى فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَاتَ لَزِمَتْ دِيَتُهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الْمَذْكُورُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَالْوَصِيُّ كَالْوَارِثِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٠٩) شَرْطُ كون الْمَرْهُون صَالِحًا لِلْبَيْعِ]

(الْمَادَّةُ ٧٠٩) :

يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ صَالِحًا لِلْبَيْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ.

يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُرَادَ رَهْنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الشَّيْءِ غَيْرِ الصَّالِحِ لِلْبَيْعِ (الْهِدَايَةُ فِيمَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) .

بِنَاءً عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ - مِثْلَ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَمَالًا وَمُتَقَوِّمًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورُهُ التَّسْلِيمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>