أَنَّهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ لَا بِمَا زَادَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ أَمَانَةٌ وَوَدِيعَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيُّ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الَّذِي رُهِنَ - مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ - أَلْفَيْ قِرْشٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ لِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ مِقْدَارَ أَلْفِ قِرْشٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ بِمَالِ الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ بِمَا زَادَ عَنْهُ (الْكِفَايَةُ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ، وَذَهَبَ الْأَنْقِرْوِيُّ إلَى أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَقِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ يَضْمَنُ قَدْرَ الدَّيْنِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَفِيَ تَمَامَ الدَّيْنِ وَيَسْتَخْلِصَ الْمَالَ مِنْ الرَّهِينَةِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّ تَعَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ لَازِمٌ وَنَافِذٌ (الْكِفَايَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) لَا يُعَدُّ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ فَيُرْجَعُ عَلَى تَرِكَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ - كَمُعِيرِ الرَّهْنِ - مَجْبُورٌ عَلَى التَّأْدِيَةِ.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٣٢) وَشَرْحَهَا، وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ لِشَخْصٍ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنُ وَالزَّيْلَعِيُّ) . وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ ذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - رَهْنُ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُ بِالْوَصِيَّةِ مُقَابِلَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِ الْمُتَوَفَّى، وَلَوْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَالْوَصِيُّ كَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا (أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ) . وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْوَصِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ عَلَى مَا ذُكِرَ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) لَا يَلْزَمُ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١) ، وَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى بِإِمْسَاكِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُتَوَفَّى بِحَالِ حَيَاتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى وَكِيلًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٧٦٠) فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (وَ ١٤٥٢) . وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى فِي حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَإِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ الْأَصْلِيَّةِ، إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُتَوَفَّى لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَإِذَا فَعَلَ يَكُونُ مُتَوَقِّفًا عَلَى رِضَاءِ بَقِيَّةِ الدَّائِنِينَ فَإِنْ شَاءُوا نَقَضُوا الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ يَحْصُلُ تَرْجِيحٌ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ، وَأَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الرَّهْنِ) مَا لَمْ تُوَفَّ دُيُونُ سَائِرِ الدَّائِنِينَ كَامِلَةً وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ) .
وَلَا يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ بِذَلِكَ تَفَرَّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute