للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَيْدِ بِلَا عِوَضٍ الْوَارِدِ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ أَيْ بِلَا اكْتِسَابِ الْعِوَضِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِشَرْطِ عَدَمِ اكْتِسَابِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ عِوَضٌ إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ بِشَرْطِ الِاكْتِسَابِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ عِنْدَمَا عَرَّفُوا الْبَيْعَ بِأَنَّهُ (مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ) بِطَرِيقِ الِاكْتِسَابِ صَرَّحَ بِقَيْدِ (بِطَرِيقِ الِاكْتِسَابِ) لِإِخْرَاجِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مِنْ التَّعْرِيفِ: إلَّا أَنَّهُ مَا دَامَ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ هُوَ الْكَسْبُ وَالرِّبْحُ وَالْوَاهِبُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَكُونُ كَاسِبًا الْعِوَضَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَكُونُ كَاسِبًا الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فَمَا هِيَ فَائِدَةُ هَذَا الْجَوَابِ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ؟

الْجَوَابُ الثَّانِي - إنَّ تَعْرِيفَ الْمَجَلَّةِ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ التَّعْرِيفَ بِالْأَعَمِّ وَالتَّعْرِيفَ بِالْأَخَصِّ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

الْأَجْوِبَةُ الْأُخْرَى: إنَّ مُنْلَا مِسْكِينٍ - والشُّرُنْبُلاليُّ قَدْ أَجَابَا عَلَى السُّؤَالِ الثَّالِثِ بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ أَجْوِبَتُهُمَا ظَاهِرَةً وَكَافِيَةً لِدَفْعِ السُّؤَالِ وَأَنَّ الْجَوَابَ الْمَقْبُولَ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَتَقَدَّمَ آنِفًا.

٤ - إنَّ الْوَصِيَّةَ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: أَعْطِ سَاعَتِي هَذِهِ إذَا مِتّ لِزَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا فَيَصِيرُ زَيْدٌ مَالِكًا لِتِلْكَ السَّاعَةِ مَجَّانًا وَلِذَلِكَ حِينَمَا عَرَّفَ (ابْنُ كَمَالٍ) (الْهِبَةَ) ضَمَّ عَلَيْهِ قَيْدَ " فِي الْحَالِ " فَأَصْبَحَ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ: (تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ بِلَا عِوَضٍ) وَبِقَيْدِ " فِي الْحَالِ " خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ هَذَا الْقَيْدُ فَأَصْبَحَتْ الْوَصِيَّةُ دَاخِلَةً فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ وَعِنْدِي التَّعْرِيفُ لِذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ.

ج - يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ التَّمْلِيكِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ التَّمْلِيكُ فِي الْحَالِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ لَيْسَتْ تَمْلِيكًا فِي الْحَالِ بَلْ هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ (الْفَتْحُ) .

[ (الْمَادَّةُ ٨٣٤) الْهَدِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى لِأَحَدٍ أَوْ يُرْسَلُ إلَيْهِ إكْرَامًا لَهُ]

(الْمَادَّةُ ٨٣٤) - (الْهَدِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى لِأَحَدٍ أَوْ يُرْسَلُ إلَيْهِ إكْرَامًا لَهُ) . الْهَدِيَّةُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هِيَ الْمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ أَوْ أُرْسِلَ لِشَخْصٍ بِطَرِيقِ الْإِكْرَامِ وَتُجْمَعُ الْهَدِيَّةُ عَلَى الْهَدَايَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْإِكْرَامِ الرِّشْوَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الرِّشْوَةَ لَا تُرْسَلُ إكْرَامًا بَلْ تُعْطَى بِشَرْطِ الْإِعَانَةِ وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ وَهُوَ أَنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِقَبْضِهِ الْهَدِيَّةَ يُصْبِحُ مَالِكًا لَهَا بِعَكْسِ الْمُرْتَشِي فَهُوَ لَا يُصْبِحُ مَالِكًا لَهَا بِالْقَبْضِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَرْقَانِ: (١) إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا أَمَّا الْمُرْتَشِي إذَا اسْتَهْلَكَ الرِّشْوَةَ فَيَضْمَنُ.

(٢) وَإِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا عَيْنًا وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ رِشْوَةً لِقَضَاءِ أَمْرٍ لَهُ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الْحَقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرِّشْوَةَ مِنْ الْمُرْتَشِي.

لَوْ أَنَّ الْمُرْتَشِيَ قَضَى لَهُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي دُفِعَتْ الرِّشْوَةُ لِأَجْلِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّهُ أَعْطَى مُقَابَلَ الرِّشْوَةِ عِوَضًا فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الرِّشْوَةِ وَلِذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ شَخْصٌ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ لَهُمْ مَصْلَحَةً مِنْ الْمَصَالِحِ فَبِمَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>