رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ مِنْ طَرَفٍ وَالْقَبُولُ مِنْ طَرَفٍ آخَرِ كَرُكْنِ الْعُقُودِ الْأُخَرِ، بِلَفْظِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً أَوْ مُقَارَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ لَكَ، أَوْ خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا وَاشْتَرِ بِهِ مَتَاعًا وَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ رِبْحٌ فَكَذَا مِنْهُ لَكَ، أَوْ خُذْ رَأْسَ الْمَالِ بِالنِّصْفِ فَهُوَ إيجَابٌ، وَقَوْلُ الطَّرَفِ الْآخَرِ: قَبِلْتُ، أَوْ لَفْظًا يُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ قَبُولٌ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) مَثَلًا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا مُضَارَبَةً مُشِيرًا إلَى مَالٍ صَالِحٍ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ وَاسْعَ وَاعْمَلْ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ رِبْحُهُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً أَوْ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، أَوْ قَالَ قَوْلًا يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَقَوْلِهِ: خُذْ هَذِهِ النُّقُودَ وَاجْعَلْهَا رَأْسَ مَالٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ عَلَى نِسْبَةِ كَذَا، وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ إيجَابَ رَبِّ الْمَالِ تُعْقَدُ الْمُضَارَبَةُ
أَمَّا إذَا لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَمْ يُذْكَرْ لَفْظٌ يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ الصَّحِيحَةُ. وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ وَاشْتَرِ بِهَا حِنْطَةً أَوْ بَزًّا عَلَى أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ بَلْ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَإِذَا اشْتَرَى يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ مُقَابِلَ عَمَلِ الشِّرَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ رَبُّ الْمَالِ بِالْبَيْعِ (الْبَحْرُ) حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظٌ يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِصَّةِ مِنْ الرِّبْحِ وَقَوْلُ رَبِّ الْمَالِ: خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ وَاشْتَرِ بِهَا حِنْطَةً عَلَى أَنْ تُقْسَمَ مُنَاصَفَةً، وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ هَذَا التَّنَاصُفُ هَلْ هُوَ فِي الرِّبْحِ أَوْ فِي رَأْسِ الْمَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) كَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ أَحَدٌ الْآخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهَا مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ مُنَاصَفَةً بَيْنَنَا وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَنَا فَلَا يَكُونُ عَقْدَ مُضَارَبَةٍ. وَإِذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى مَالًا فَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ كَمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُضَارَبَةً لَمْ تَكُنْ شَرِكَةَ عَقْدٍ بَلْ هِيَ شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَنِصْفُ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ مِلْكًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ فَلَزِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ نِصْفِ الثَّمَنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)
[ (الْمَادَّةُ ١٤٠٦) الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ]
الْمَادَّةُ (١٤٠٦) - (الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مُضَارَبَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالْآخَرُ مُضَارَبَةٌ مُقَيَّدَةٌ) الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مُضَارَبَةٌ مُطْلَقَةٌ أَيْ عَارِيَّةٌ عَنْ الْقَيْدِ الْمُفِيدِ، وَالْآخَرُ مُضَارَبَةٌ مُقَيَّدَةٌ أَيْ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ. وَتُسَمَّى الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ مُضَارَبَةً عَامَّةً وَالْمُضَارَبَةُ الْمُقَيَّدَةُ مُضَارَبَةً خَاصَّةً (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوْقَافِ وَالْأَشْخَاصِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ قُسِّمَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَى قِسْمَيْنِ. وَقَدْ ذُكِرَتْ أَحْكَامُ الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَادَّةِ (١٤١٤) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ، وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ فِي الْمَادَّةِ (١٤٢٠) وَمَا يَعْقُبُهَا مِنْ الْمَوَادِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute