للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُعْتَبَرُ قَرْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ فِيهَا مَنْفَعَةً لِلِاسْتِعْمَالِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةً بِلَا اشْتِبَاهٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَمَلُ بِالْإِعَارَةِ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ إذْ لَا يُذْهَبُ إلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٧.

مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دِينَارًا لِيَزِنَ بِهِ دَنَانِيرَهُ أَوْ اسْتَعَارَ أَمْوَالًا لِيُزَيِّنَ بِهَا حَانُوتَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَارِيَّةً حَقِيقِيَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِهْلَاكُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا بِصُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

الْإِعَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَارِيَّةِ قَرْضٌ فَاسِدٌ: فَلَوْ أُعِيرَتْ الْقِيمَاتُ عَلَى أَنْ تُسْتَهْلَكَ تَكُونُ قَرْضًا مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ لَوْحًا مِنْ الْخَشَبِ أَوْ مِقْدَارًا مِنْ اللَّبِنِ لِيَسْتَعْمِلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ اسْتَعَارَ قُمَاشًا لِيَرْفَعَ بِهِ ثَوْبَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِعَارَةً حَقِيقِيَّةً بَلْ يَكُونُ قَرْضًا وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَ الْقَرْضِ أَيْ قِيمَةَ الْمَالِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ لَكِنْ لَوْ اسْتَعَارَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ إلَى صَاحِبِهِ كَانَ ذَلِكَ إعَارَةً أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَعَرْتُك هَذَا الطَّبَقَ مِنْ الْحَلْوَى، فَأَخَذَهُ الْآخَرُ وَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى أَنَّهُ قَرْضٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدَاقَةٌ وَعَدَمُ كُلْفَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَفِي حَالَةِ وُجُودِ ذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْعَمَلُ إبَاحَةً.

٢ - قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ شَرْطِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٦٥) أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْعِوَضَ فِي الْإِعَارَةِ فَلَا تَكُونُ إعَارَةً بَلْ تَكُونُ إجَارَةً؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣) .

٣ - قِيلَ: يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ صَبِيًّا تَحْتَ الْوِصَايَةِ وَالْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ بِمَنَافِعِ الصَّغِيرِ لَيْسَ جَائِزًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٨) وَذَلِكَ كَمَا صَارَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ " ٥٩٩ " وَشَرْحِهَا وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُعِيرَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لِآخَرَ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُعِيرَ إلَى أُسْتَاذٍ لِيُعَلِّمَهُ صَنْعَةً فَلِلْأُسْتَاذِ اسْتِخْدَامُهُ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ".

[ (الْمَادَّةُ ٨٠٩) كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ]

(الْمَادَّةُ ٨٠٩) :

يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا بَالِغَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ إعَارَةُ وَاسْتِعَارَةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فَتَجُوزُ إعَارَتُهُ وَاسْتِعَارَتُهُ.

يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ: ١ وَ ٢ - كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ.

٣ - كَوْنُ الْمُسْتَعِيرِ مُعَيَّنًا.

٤ - كَوْنُ الْمُعِيرِ مَالِكًا وَلَوْ لِلْمَنْفَعَةِ.

٥ - كَوْنُ الْمُعِيرِ غَيْرَ مُكْرَهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>