للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ١٢٨٣) حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ]

الْمَادَّةُ (١٢٨٣) - (حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ مِقْدَارُ نِصْفِ النَّهْرِ فَيَكُونُ مِقْدَارُ حَرِيمِهِ مُسَاوِيًا عَرْضَ النَّهْرِ) حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَاَلَّذِي حُفِرَ وَأُجْرِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مِنْ كُلِّ مِقْدَارٍ نِصْفُ النَّهْرِ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مِقْدَارِ حَرِيمِهِ مِنْ طَرَفَيْهِ مُسَاوِيًا عَرْضَ النَّهْرِ، أَيْ حَرِيمُهُ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ نِصْفُ عَرْضِ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْرِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هُوَ النَّهْرُ الَّذِي أُجْرِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ شَرْحًا وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُنْوَانُ الْفَصْلِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ شَقَّ أَحَدٌ مِنْ نَهْرٍ أَعْظَمَ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ نَهْرًا يَمُرُّ مِنْ أَرْضٍ مَوَاتٍ وَأَسَالَ إلَى مَزْرَعَتِهِ فَحَرِيمُ هَذَا النَّهْرِ الْمُنْشَعِبِ مُسَاوٍ لِعَرْضِ النَّهْرِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا إذَا وُجِدَ نَهْرٌ لِأَحَدٍ فِي مِلْكِ الْآخَرِ فَإِيضَاحُ ذَلِكَ سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ (١٢٩٠) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَبِمَا أَنَّ رَأْيَ الْمُومَأِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُفْتًى بِهِ فَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ.

وَيَثْبُتُ لُزُومُ الْحَرِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إنَّ اسْتِحْقَاقَ الشَّيْءِ هُوَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَإِذَا اُحْتُبِسَ شَيْءٌ فِي النَّهْرِ وَأَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ إصْلَاحَهُ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فِي وَسَطِ النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ لِلْمَشْيِ فِي أَطْرَافِهِ وَإِذَا كَرَى النَّهْرَ فَتُوجَدُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَهُ فِي نَقْلِ الْأَوْحَالِ إلَى أَسْفَلِ النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ فِي طَرَفِ النَّهْرِ لِيُلْقِيَ فِيهِ الْأَوْحَالَ. فَلِذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَعَ صَاحِبِ النَّهْرِ عَلَى الْحَرِيمِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَرِيمَ حَرِيمُهُ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لِأَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيمِ لِاسْتِمْسَاكِ مَائِهِ بِهِ وَالِاسْتِعْمَالُ يَدٌ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ بِالِاسْتِعْمَالِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْمَوَاتِ) .

وَسَبَبُ انْقِسَامِ الْحَرِيمِ لِجَانِبَيْ النَّهْرِ هُوَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِلْقَاءِ وَطَرْحِ أَوْحَالِ النَّهْرِ إلَى جَانِبَيْهِ فَلَزِمَ تَقْسِيمُ حَرِيمِ النَّهْرِ إلَى الْجَانِبَيْنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) .

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَحَرِيمُ النَّهْرِ مِنْ جَانِبٍ مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ عَرْضِ النَّهْرِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ عَرْضِ النَّهْرِ أَيْضًا فَيَكُونُ حَرِيمُ النَّهْرِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ضِعْفَ الْحَرِيمِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ الْمَجَلَّةُ.

أَمَّا رَأْيُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَيْسَ لِمِثْلِ هَذَا النَّهْرِ الْكَبِيرِ حَرِيمٌ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَثَبَتَ بِالنَّصِّ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٥) أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ قَصْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَمَعَ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا لِحَرِيمٍ لِإِلْقَاءِ الْقُمَامَةِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَطِيعُ الِانْتِفَاعَ بِالْقَصْرِ بِدُونِ الْحَرِيمِ (الزَّيْلَعِيّ وَالطُّورِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>