[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ]
(الْمَادَّةُ ٥ ٢٠) :
بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ تَبْرُزْ أَصْلًا.
الْمَعْدُومُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا حَقِيقَةً أَوْ مَعْدُومًا عُرْفًا وَالْمَعْدُومُ عُرْفًا هُوَ الْمُتَّصِلُ اتِّصَالًا خِلْقِيًّا بِغَيْرِهِ وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ سَوَاءٌ أَكَانَ حَقِيقَةً أَمْ عُرْفًا بَاطِلٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٩٧ ١) .
مِثَالُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عِنَبَ كَرْمِهِ وَهُوَ زَهْرٌ، أَوْ مُهْرَ فَرَسِهِ وَهُوَ جَنِينٌ، أَوْ زَرْعَ أَرْضَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ أَيْ يَنْفَصِلَ الثَّمَرُ مِنْ الزَّهْرِ وَيَنْعَقِدَ وَلَوْ صَغِيرًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ حَقِّ التَّعَلِّي؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٍ وَكَذَلِكَ بَيْعُ التِّبْنِ وَهُوَ فِي السُّنْبُلِ قَبْلَ التَّذْرِيَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ التِّبْنَ لَا يَكُونُ مِنْ السُّنْبُلِ إلَّا بَعْدَ الدِّرَاسِ فَبَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَيْعٌ لِلْمَعْدُومِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَاللِّفْتِ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ وَهُوَ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ فَبَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا نَبَتَ وَعَلِمَ وُجُودَهُ فِي الْأَرْضِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ (الْخُلَاصَةُ) وَكَذَلِكَ بَيْعُ بَذْرِ الْبِطِّيخَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا بَاطِلٌ أَمَّا بَعْدَ الْكَسْرِ فَصَحِيحٌ وَبَيْعُ حَقِّ وَضْعِ الْأَخْشَابِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ وَضْعِ الْأَقْذَارِ فِي الْعَرْصَةِ غَيْرُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَأَنَّ مِلْكَهُ بَعْدَهُ كَبَيْعِ حِنْطَةٍ وَحِذَاءٍ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ سَلَمٍ أَوْ اسْتِصْنَاعٍ (الْخُلَاصَةُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَا سَيَمْلِكُهُ فِيمَا بَعْدُ كَالْحِنْطَةِ أَوْ السَّفِينَةِ الَّتِي سَيَصْنَعُهَا أَوْ الْجُلُودِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ أَمَّا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى سَبِيلِ السَّلَمِ أَوْ الِاسْتِصْنَاعِ وَرُوعِيَتْ شَرَائِطُهُمَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ.
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْدُومَ عُرْفًا هُوَ الْمُتَّصِلُ اتِّصَالًا خِلْقِيًّا بِغَيْرِهِ فَبَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ وَحْدَهُ حَالَ اتِّصَالِهِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ اتِّصَالِ الْجُذُوعِ وَالثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَصْنَعُ الْعَبَا ابْنُ مَلَكٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمْثِلَةُ الْمَعْدُومِ عُرْفًا بَيْعُ اللَّبَنِ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ وَأَحْشَاءِ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ لَحْمِهَا أَوْ كُلْيَتَيْهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ جِلْدِهَا أَوْ صُوفِهَا وَبَيْعُ الزَّيْتِ فِي زَيْتُونِهِ وَعَصِيرِ الْعِنَبِ فِي حَبِّهِ قَبْلَ اسْتِخْرَاجِهِمَا كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ ذَبَحَ الْبَائِعُ الشَّاةَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَسَلَّمَ الْجِلْدَ إلَى الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ لَا يَحُولُ عَنْ بُطْلَانِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١٧٥) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَعْدُومَةٌ عُرْفًا فَأَمَّا اللَّبَنُ فِي ضَرْعِ الشَّاةِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ انْتِفَاخُ ضَرْعِ الشَّاةِ لِوُجُودِ لَبَنٍ فِيهِ أَوْ رِيحٍ أَوْ دَمٍ؟ فَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ مَالًا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ اللَّبَنَ يَحْصُلُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَبِالتَّتَابُعِ فَلَوْ جَازَ الْبَيْعُ فِيهِ لَاخْتَلَطَ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَصُوفُ الشَّاةِ الْحَيَّةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِذَلِكَ الْحَيَوَانِ كَسَائِرِ أَطْرَافِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الصُّوفَ يَتَزَايَدُ أَيْضًا وَذَلِكَ يُوجِبُ اخْتِلَاطَ الْبَيْعِ بِغَيْرِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي " هَذَا وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ أَيْ جَعْلُهُ مَبِيعًا بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَمَّا جَعْلُهُ ثَمَنًا فَصَحِيحٌ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute