للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: إنَّنِي اسْتَهْلَكْتُ مِنْ مَالِ مُورَثِهِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا أَوْصَى بِهِ لِلْجَنِينِ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا (الْبَحْرُ وَالْكِفَايَةُ) ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ وَوَلَدَتْ الْحَامِلُ لِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ، أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا حَيًّا وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لِلْمُعْتَدَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ فَوَلَدَتْ فِي تَمَامِ السَّنَتَيْنِ، أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ السَّنَتَيْنِ وَلَدًا حَيًّا فَيَكُونُ الْمَالُ لَهُ، وَإِذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، وَكَانَا بِنْتَيْنِ، أَوْ ذَكَرَيْنِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ مُنَاصَفَةً سَوَاءٌ كَانَ إرْثًا، أَوْ وَصِيَّةً؛ إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُوَ لِلْحَمْلِ، وَالْحَمْلُ هُوَ مَجْمُوعُهُمَا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجْحَانٌ عَلَى آخَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بِنْتًا، وَالْآخَرُ وَلَدًا فَيَأْخُذَانِ الْمَالَ فِي الْمِيرَاثِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ مُنَاصَفَةً.

أَمَّا إذَا تَوَلَّدَ الْحَمْلُ بَعْدَ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَنْ تِلْكَ الْمُدَدِ فَلَا يَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَثْبُتُ وُجُودُ الْجَنِينِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا كَذَلِكَ إذَا وُلِدَ الْجَنِينُ مَيِّتًا يَمْلِكُ الْمُقَرَّ بِهِ، وَيُرَدُّ الْمُقَرُّ بِهِ لِوَرَثَةِ الْمُورَثِ، أَوْ الْمُوصِي (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .

لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَكُونُ أَهْلًا لَأَنْ يَكُونَ وَارِثًا، أَوْ مُورَثًا، أَوْ مُوصَى لَهُ إذَا لَمْ يُولَدْ حَيًّا (التَّكْمِلَةُ) .

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ.

إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ.

مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ؛ لِأَنَّنِي كُنْتُ بِعْت هَذَا الْمَالَ لَهُ، أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧٧) ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: بِأَنَّنِي بِعْتُ الْمَالَ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّنِي بِعْتُهُ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَى الْجَنِينِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ وَجْهٍ أَصْلٌ وَلِذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَمِنْ وَجْهٍ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَجُزْءٌ مِنْ أُمِّهِ فَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِ مَعْلُومٍ لِحَمْلٍ وَبَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي تَصَالَحَ أَبُو الْحَمْلِ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ وَرَثَةِ الْمُوصِي كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ صَحِيحٍ.

وَبِهَذِهِ ظَهَرَ خَطَأُ مَنْ أَفْتَى أَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ.

سُؤَالٌ: إنَّ بَيَانَ السَّبَبِ غَيْرِ الصَّالِحِ هُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الرَّجُلَ الْجَاهِلَ ظَنًّا مِنْهُ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْجَنِينِ يَتَعَامَلُ مَعَ مَنْ يَظُنُّ وَلِيًّا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقِرُّ بِذَلِكَ الْمَالِ لِلْجَنِينِ حَسَبَ ظَنِّهِ، وَيُبَيِّنُ سَبَبَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ بُطْلَانُ السَّبَبِ فَلِذَلِكَ فَإِنَّ بَيَانَ السَّبَبِ مِنْهُ لَيْسَ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ بَلْ هُوَ بَيَانٌ وَإِيضَاحٌ لِكَلَامِهِ وَلِذَلِكَ يُقْبَلُ (الْكِفَايَةُ وَالْحَمَوِيُّ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٧٥) يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ رِضَاءُ الْمُقِرِّ]

الْمَادَّةُ (١٥٧٥) - (يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ رِضَاءُ الْمُقِرِّ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ ١٠٠٦) .

يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوَّلًا) رِضَاءُ الْمُقِرِّ (ثَانِيًا) عَدَمُ وُجُودِ التَّلْجِئَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَلَا يُنَفَّذُ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٠٠٦) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُحْتَمِلُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَفِي حَالَةِ الْإِخْبَارِ يُرَجَّحُ طَرَفُ الصِّدْقِ عَلَى جَانِبِ الْكَذِبِ وَيَكُونُ حُجَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>