الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ أَيْ لَا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِادِّعَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْغَاصِبُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ جَانِبَ الْغَاصِبِ لِظُلْمِهِ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْغَصْبِ وَالتَّغْيِيبِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَائِهِ (الْخَانِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذْت حِصَانِي الَّذِي تُسَاوِي قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ تَغَلُّبًا وَغَيَّبْته وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ أَلْفَ الْقِرْشِ مِنْ الْغَاصِبِ وَجَدَ الْحِصَانَ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَلْفَ الْقِرْشِ لِلْغَاصِبِ وَيَسْتَرِدَّ الْحِصَانَ وَكَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ مُخَيَّرًا إذَا ظَهَرَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
نَفَاذُ بَيْعِ الْغَاصِبِ أَوْ بُطْلَانُهُ: إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ لِآخَرَ يَنْفُذُ بَيْعُهُ، حَيْثُ إنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لِلضَّمَانِ الْمَذْكُورِ أَيْ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ نَفَذَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِنَادِ الْمَذْكُورِ قَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ امْتِلَاكِ الْغَاصِبِ لِلْمَبِيعِ الْمَغْصُوبِ عَلَى بَيْعِهِ إيَّاهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) . يَعْنِي أَنَّ نَفَاذَ بَيْعِ الْغَاصِبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ضَمَانِ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ أَوْ اتَّهَبَهُ وَتَسَلَّمَهُ أَوْ وَرِثَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْغَاصِبِ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ بَاطِلًا. لِأَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ (وَهُوَ الْمِلْكُ اشْتِرَاءً اتِّهَابًا وَإِرْثًا) إذَا طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ عَلَى أَدَاءِ الضَّمَانِ أَبْطَلَهُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ فِي ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ مَالًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فِي مُنْتَصَفِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضَمِنَ فِي صَفَرَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مَلَكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِالضَّمَانِ الْمَذْكُورِ، وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ لِاسْتِنَادِ الْمِلْكِ فِيهِ عَلَى مُتَأَخِّرٍ وَافْتِرَاضِ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَغْصُوبِ فِي ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ. أَمَّا إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ بِالتَّرَاضِي عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ - فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ فَلَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ أَيْ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَرِثَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَبْطُلُ بَيْعُ الْغَاصِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهُنَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ مَا هُوَ الْمِثْلِيُّ وَالْقِيَمِيُّ حَتَّى تُفْهَمَ هَذِهِ الْمَادَّةُ كَمَا يَنْبَغِي. قَدْ ذُكِرَ تَعْرِيفَا الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٤٥ و ١٤٦) كَمَا أَنَّهُمَا ذُكِرَا بِتَوْضِيحٍ فِي الْمَادَّةِ (١١١٩) وَقَدْ عَرَّفَهُمَا بَعْضُ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَمِنْهَا الْهِنْدِيَّةُ فَقَدْ أَتَتْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ عَلَى تَعْرِيفِ الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ وَعَدَّدَتْهُمَا وَبِمَا أَنَّهُمَا يُفْهَمَانِ مِنْ تَعْرِيفِهَا السَّالِفِ الذِّكْرِ فَلَا حَاجَةَ لِتَعْدَادِ أَفْرَادِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ)
[ (الْمَادَّةُ ٨٩٢) سَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ]
(الْمَادَّةُ ٨٩٢) - (إذَا رَدَّ وَسَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute