للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَدَلَهُ أَيْ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ وَهُوَ فِي يَدِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٧١) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٧١) .

اسْتَهْلَكَ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ الَّذِي أَخَذَهَا اخْتِلَاسًا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْوَاهِبِ فَنَدِمَ الْوَاهِبُ عَلَى هِبَتِهِ وَاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِدُونِ قَضَاءِ الْحَاكِمِ كَانَ ضَامِنًا أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَاخْتَلَسَهُ الْوَاهِبُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ شَاةً فَذَبَحَهَا الْوَاهِبُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ مَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالصِّحَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

سُؤَالٌ - فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ حُكْمًا عَنْ الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِلْمُرُوءَةِ إذْ يُفْهَمُ صِحَّةُ الرُّجُوعِ بِدُونِ الرِّضَاءِ وَالْقَضَاءِ لِعَدَمِ إمْكَانِ حُصُولِ الرِّضَا مِنْ الصَّغِيرِ.

جَوَابٌ - لَيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّ لِلْأَبِ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٨٦٦) وَإِنَّمَا لِلْأَبِ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ لِصَرْفِهِ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ.

حَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالًا قَدْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٧٩٩) .

[ (الْمَادَّةُ ٨٦٦) وَهَبَ شَخْصٌ شَيْئًا لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ]

(الْمَادَّةُ ٨٦٦) إذَا وَهَبَ شَخْصٌ شَيْئًا لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَخٍ وَأُخْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْهِبَةِ.

قَرَابَةُ النَّسَبِ يَعْنِي ذِي الرَّحِمِ أَيْ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِالنَّسَبِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَانِعَةً عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا دِينًا وَدَارًا يَعْنِي مَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِأُصُولِهِ كَأَبِيهِ أَوْ لِأَبِي أَبِيهِ وَكَذَا لِأَبِي هَذَا وَأُمِّهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ وَلِأَبِي أُمِّهِ وَفُرُوعِهِ. يَعْنِي لِابْنِهِ أَوَابْنَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا يَعْنِي لِابْنِ أَخِيهِ أَوَابْنِ أُخْتِهِ أَوْ لِأَخٍ وَأُخْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَيْ لِأَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ وَلِأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ هِبَةً صَحِيحَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَلَوْ كَانَ الْقَابِلُ لِهَذِهِ الْهِبَةِ وَكِيلًا أَجْنَبِيًّا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْمِلْكَ قَدْ وَقَعَا فِي هَذِهِ الْهِبَةِ لِأَخِيهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) .

وَعَدَمُ الرُّجُوعِ هَذَا يَثْبُتُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: السُّنَّةُ، فَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يُرْجَعْ فِيهَا» .

الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ. وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ صِلَةُ الرَّحِمِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْمَقْصِدَ يَحْصُلُ بِالْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمَّا كَانَ كُلُّ عَقْدٍ يُفِيدُ الْمَقْصُودَ لَازِمًا فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ لَازِمَةٌ أَيْضًا إذْ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا صِلَةُ الرَّحِمِ قَطْعٌ لِلرَّحِمِ فَالرُّجُوعُ غَيْرُ جَائِزٍ (الزَّيْلَعِيّ، الدُّرَرُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>