للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحْضَرًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَصَالِحًا لِلْقَبْضِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ: قَبَضْته، أَيْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ بِطَرِيقِ التَّخْلِيَةِ وُجُودُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ حِينَمَا يَجِدُهُ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ " الدُّرُّ وَشُرُوحُهُ، وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ بِالنَّوْعِ الثَّانِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الرَّأْيُ الْمُخْتَارُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ وَجَامِعُ الْفِقْهِ وَالطَّحْطَاوِيُّ.

إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ، التَّخْلِيَةُ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ الْمَسَائِلِ.

التَّخْلِيَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ الْوَاهِبُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِحَالَةٍ يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَخْذَهُ وَأَنْ يُلْزِمَهُ بِقَبْضِهِ (الدُّرَرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) فَلِذَلِكَ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا مَوْضُوعًا ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمَالَ مَعَ تِلْكَ الْخِزَانَةِ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَوْهُوبِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمْوَالُ الْمَوْهُوبَةُ ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخِزَانَةُ مَفْتُوحَةً فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ.

(الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ) . إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا وَسَلَّمَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَقَرَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقَبْضِهِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ ثُمَّ إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ عَدَمَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (١٥٨٩) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَحْلِفُ (الْأَنْقِرْوِيُّ)

[ (الْمَادَّةُ ٨٣٨) الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ]

(الْمَادَّةُ ٨٣٨) :

الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ، هَؤُلَاءِ الْأَلْفَاظُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا كأكرمت وَوَهَبْت وَأَهْدَيْت، وَالتَّعْبِيرَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا إيجَابٌ لِلْهِبَةِ أَيْضًا كَإِعْطَاءِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قُرْطًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ الْحُلِيِّ أَوْ قَوْلِهِ لَهَا: خُذِي هَذَا وَعَلِّقِيهِ.

وَكَذَلِكَ كَلِمَاتُ أَعْطَيْتُكَ وَمَلَّكْتُكَ وَهَذَا الْمَالُ لَك هِبَةٌ وَكَلِمَةُ (أَيْنَ ثرا) الْفَارِسِيَّةُ هِيَ مِنْ أَلْفَاظِ إيجَابِ الْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْهِبَةِ يَحْصُلُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا مَا لَمْ تَقُلْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ عَلَى طَرِيقِ الْمِزَاحِ وَلِذَلِكَ فَعَقْدُ الْهِبَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَلْفَاظٍ أُخْرَى مُسْتَعْمَلَةٍ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي حَالَةِ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْهِبَةِ وَإِلَّا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ هُوَ لَفْظٌ عَامٌّ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْوَصِيَّةَ. وَالْقَاعِدَةُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي قِيلَتْ مِنْ الْمُمَلَّكِ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ فَالْعَقْدُ عَقْدُ هِبَةٍ وَإِذَا كَانَتْ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَاذَا كَانَتْ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ يُنْظَرُ إلَى نِيَّةِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْهِبَةَ فَالْعَقْدُ هِبَةٌ وَاذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَارِيَّةَ فَالْعَقْدُ عَقْدُ عَارِيَّةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>