للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْضُرَ الْمَالِكُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا صَرَفَ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُودِعِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ حَيَوَانًا لَا يَجِبُ أَنْ يَتَجَاوَزَ هَذَا الْمُصْرَفُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ فَإِنْ تَجَاوَزَهَا فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا. وَذَكَرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ قَبْلَ الْغَيْبَةِ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَلَمْ يُنْفِقْ وَهَلَكَ الْحَيَوَانُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنَّهُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ اخْتَارَ الْحُرْمَةَ لِسَبَبِ حُرْمَةِ ذِي الرُّوحِ (الْبَاجُورِيُّ) وَلِرُبَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرَ مُخَالِفَةٍ لِلْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ.

أَمَّا إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الْمَذْكُورَةِ أَوْ قَبْلَهَا فَذَلِكَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمُصْرَفَ مِنْ الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الْمُحَرَّرَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (٧٢٥ وَ ١٥٠٨) . طَلَبُ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُودِعِ الَّذِي طَلَبَ الْإِذْنَ بِالْإِنْفَاقِ: إذَا رَاجَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَاكِمَ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ لِأَجْلِ بَيْعِ الْوَدِيعَةِ كَمَا ذُكِرَ شَرْحًا يَطْلُبُ الْحَاكِمُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ وَدِيعَةٌ بِيَدِهِ وَأَنَّ صَاحِبَهُ غَائِبٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً بِيَدِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا أَوْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ هِيَ لِأَجْلِ اسْتِكْشَافِ الْحَالِ وَلَيْسَتْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْضُرُ الْخَصْمُ فِيهَا. وَالْحُكْمُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى اللُّقَطَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٠) .

[ (الْمَادَّةُ ٧٨٧) هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالِ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ]

(الْمَادَّةُ ٧٨٧) إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ وَاسْتَهْلَكَهَا أَوْ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ وَجَعَلَهُ يَسْتَهْلِكُهَا يَضْمَنُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا صَرَفَ النُّقُودَ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ وَضَعَ مَحِلَّهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَضَاعَتْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ.

وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ وَهَلَكَ الْحَيَوَانُ أَثْنَاءَ سَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسَبَبِ سُرْعَةِ السُّوقِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ أَمْ سُرِقَ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَرِيقِ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِ الْوَدِيعَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَلَمْ يَنْقُلْهَا وَاحْتَرَقَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ.

يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِالْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَكَمَا أَنَّ وَفَاءَ بَدَلِهَا لَازِمٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا لَزِمَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٨٠٣) .

وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ:

الْأَوَّلُ: هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ.

الثَّانِي: هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ فِي حَالَةِ تَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ.

الثَّالِثُ: طُرُوءُ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ.

الرَّابِعُ: طُرُوءُ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ.

فَكُلُّ هَذِهِ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ وَكَمَا أَنَّ الْمِثَالَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَارِدَانِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالْمِثَالَ الثَّالِثَ وَارِدٌ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>