للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٧٧٩ وَبَعْضُهَا مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.

غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ تَعَدِّيهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ التَّعَدِّيَ وَرَجَعَ إلَى الْوِفَاقِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ هَلْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَهَذِهِ الْجِهَةُ مُحْتَاجَةٌ لِلْإِيضَاحِ فَوَجَبَ إعْطَاءُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ كَمَا يَلِي: الْأَمَانَاتُ قِسْمَانِ فَفِي الْبَعْضِ مِنْهَا يَزُولُ الضَّمَانُ بِالْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي وَفِي الْبَعْضِ لَا يَزُولُ. كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ ٨٦٤ الَّتِي هِيَ فِي مَقَامِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْعَارِيَّةُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَهَلَكَتْ الْعَارِيَّةُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِحَالَةِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ) يَعْنِي بِالْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ كَوْنَ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ مَشْرُوطٌ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَوْ بِطُرُوءِ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالَةِ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ. وَلِذَلِكَ بَادَرْنَا بِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَلِي: الْأَمَانَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَمَانَاتُ الَّتِي نَفْعُ وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ الَّذِي اُتُّخِذَ أَمِينًا عَلَى تِلْكَ الْأَمَانَاتِ يَعْنِي فَائِدَةُ عَمَلِ حِفْظِهِ يَكُونُ عَائِدًا إلَى صَاحِبِ الْمَالِ فَقَطْ وَتَقُومُ يَدُ الْأَمِينِ مَقَامَ يَدِ مَالِكِهَا كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ وَضْعِ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَفَائِدَتَهُ عَائِدَانِ إلَى الْمُودِعِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْمَالِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي وَضْعِ الْيَدِ هَذَا نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ مَا.

وَفِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ الْأَمَانَاتِ إذَا رَجَعَ الْأَمِينُ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ يَدَ هَذَا الْأَمِينِ يَدُ صَاحِبِ الْمَالِ تَقْدِيرًا فَمَنْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي فَالْأَمَانَةُ الَّتِي اكْتَسَبَتْ حُكْمَ الْمَغْصُوبِ بِالتَّعَدِّي فَبِالْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ تَكُونُ كَأَنَّهَا أُعِيدَتْ لِيَدِ صَاحِبِ الْمَالِ.

فَكَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَصِيرُ بَرِيئًا مَتَى أَعَادَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى صَاحِبِهِ حَقِيقَةً بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٨٩٢) يَبْرَأُ الْأَمِينُ أَيْضًا مِنْ حُكْمِ التَّعَدِّي مَتَى عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَمَانَاتِ هُوَ هَذَا: (١) الْوَدِيعَةُ: (٢) الْمَالُ الْمُسْتَعَارُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ وَاَلَّذِي لَمْ يُرْهَنْ بَعْدُ: (٣) مَالُ الشَّرِكَةِ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الشَّرِيكِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَوْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: (٤) مَالُ الْمُضَارَبَةِ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْمُضَارِبِ: (٥) الْبِضَاعَةُ بِيَدِ الْمُسْتَبْضِعِ: (٦) الْمَالُ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَسَتَنْفَصِلُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨١٤) .

إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَلَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ مَا مِنْ هَذَا التَّعَدِّي وَتَرَكَ التَّعَدِّي عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْهَلَاكُ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (٢) جَاءَ (وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا) لِأَنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ التَّعَدِّي وَالِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ. حَيْثُ يَكُونُ حَبْسُ هَذَا النُّقْصَانِ عَنْ صَاحِبِهِ بِوَجْهِ التَّعَدِّي أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>