الْبَائِعُ الثَّمَنَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ عَيْنُ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الثَّمَنَ إذْ هُوَ لَيْسَ إلَّا وَسِيلَةٌ إلَى الْمَبِيعِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلِأَنَّ كَرْيَ الْأَرْضِ وَكَرْيَ الْأَنْهَارِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَبَيْعُهُمَا بَاطِلٌ إذَا بِيعَا بِدَيْنٍ أَمَّا إذَا بِيعَا بِعَيْنٍ فَالْبَيْعُ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَاسِدٌ وَفِيهِمَا بَاطِلٌ وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ بَيْعَ الْمَالِ غَيْرَ الْمُتَقَوِّمِ بَاطِلٌ فَإِذَا كَانَ الْمُقَابِلُ لِلْمَبِيعِ دَيْنًا فَالْبَيْعُ فِيهِمَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَإِذَا كَانَ عَرَضًا بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَايَضَةِ فَالْبَيْعُ فِي الْعَرَضِ فَاسِدٌ وَالْبَائِعُ يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْقَبْضِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَالْمَادَّةَ ٣٧١) ، وَكَلِمَةُ (مُتَقَوِّمٍ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٢٧) .
[ (الْمَادَّةُ ٢١٢) الشِّرَاءُ بِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ]
(الْمَادَّةُ ٢١٢) :
الشِّرَاءُ بِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَاسِدٌ.
وَتَجْرِي عَلَى هَذَا الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَحْكَامُ الْمَادَّتَيْنِ ٣٧١ و ٣٨٢ أَمَّا الْبَيْعُ بِالْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَبَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ (اُنْظُرْ مَادَّةَ ١١٥) .
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَادَلَ إنْسَانٌ آخَرَ حَيَوَانَهُ الْمَيِّتَ خَنْقًا بِبَغْلَةِ الْآخَرِ فَالْبَيْعُ فِي الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ بَاطِلٌ وَفِي الْبَغْلَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ الْمَيِّتَ خَنْقًا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا ثَمَنًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١٩٩) إذْ الْحَيَوَانُ الْمَخْنُوقُ مَالٌ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَمَّا شِرَاءُ الْمَالِ بِمَا لَا يُعَدُّ مَالًا عِنْدَ أَحَدٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ ٢١٠ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٢١٣) بَيْعُ الْمَجْهُولِ]
(الْمَادَّةُ ٢١٣) :
بَيْعُ الْمَجْهُولِ فَاسِدٌ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِلْكِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرِيهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. هَذَا فِيمَا يَحْتَاجُ لِلتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَبَيْعِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنَمٍ (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٠٠) لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ مُؤَدِّيَةٌ إلَى النِّزَاعِ وَالْجَهَالَةُ فِي الْمَبِيعِ إذَا أَدَّتْ إلَى النِّزَاعِ فَهِيَ مُفْسِدَةٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُزَاحِمٍ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا فَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ نَوْعًا مِنْهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يُطَالِبُ الْبَائِعَ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ نَوْعًا آخَرَ فَيَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا أَمَّا بَيْعُ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً لَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَبَيْعِ إحْدَى بَغْلَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي اخْتِيَارُ أَيِّ الْبَغْلَتَيْنِ شَاءَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣١٦) أَوْ كَبَيْعِ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ أَوْ جَمِيعِ مَا فِي غُرْفَةٍ أَوْ كِيسٍ مِنْ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٠١) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَجْهُولِ هُنَا مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَمَّا الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ كَأَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ بِأَنَّ فِي يَدِهِ مَالًا لِآخَرَ وَصَلَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ الْإِيدَاعِ وَيَشْتَرِيهِ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالْمَالِ طَحْطَاوِيٌّ وَنُورِدُ هَاهُنَا أَمْثِلَةً لِبَيْعِ الْمَجْهُولِ:
إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت دَارًا أَوْ بَغْلَةً وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ أَيَّةَ دَارِ أَوْ بَغْلَةٍ بِيعَتْ مِنْهُ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبَغْلَةَ قَدْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَغْلَتَهُ وَأَنْ تَكُونَ بَغْلَةَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute