وَبِقَوْلِهِ (وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ) يَخْرُجُ كُلُّ مَا لَا يَقَعُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَحَبَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ مَثَلًا إلَى كُلِّ مَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ الْمَنَافِعِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَاَلَّتِي لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا وَحِفْظُهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِإِخْرَاجِهِ مَا مَرَّ تَامًّا؛ لِأَنَّ حَبَّةَ الْقَمْحِ وَمَا حَبَّةٌ مِنْ الْقَمْحِ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَتْ مِمَّا يُدَّخَرُ. وَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِمَالٍ فَلَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا إذْ لَا ادِّخَارَ بِدُونِ بَقَاءٍ وَإِنْ عُدَّتْ الْمَنْفَعَةُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ بِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ مُتَقَوِّمَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا وَيُفْهَمُ مَا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْمَالِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَكُلُّ مَالٍ كَفَرَسٍ مَثَلًا مِلْكٌ وَلَيْسَ كُلُّ مِلْكٍ كَالْمَنَافِعِ مَثَلًا يُعَدُّ مَالًا.
[ (الْمَادَّةُ ١٢٧) الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ]
(الْمَادَّةُ ١٢٧) (الْمَالُ الْمُتَقَوِّمِ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ:
الْأَوَّلُ: مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ.
وَالثَّانِي: بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُحْرَزِ فَالسَّمَكُ فِي الْبَحْرِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِذَا اُصْطِيدَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالْإِحْرَازِ) .
فَالْمَعْنَى الْأَوَّلِيُّ هُوَ مَعْنَى الْمَالِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ الْعُرْفِيُّ.
فَلَحْمُ الْخَرُوفِ الْمَذْبُوحِ مَثَلًا، بِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ مُبَاحٌ فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مَالٌ وَمُتَقَوِّمٌ أَيْضًا. أَمَّا لَحْمُ غَيْرِ الْمَذْبُوحِ كَالْمَخْنُوقِ خَنْقًا فَبِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يُعَدُّ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ وَإِنْ عَدَّهُ الْبَعْضُ مَالًا.
كَذَلِكَ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ وَإِنْ تَكُنْ وَفْقًا لِهَذَا الْمَعْنَى مُتَقَوِّمَةً أَيْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُبَاحٌ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ كَمَا قَدْ أَسْلَفْنَا. كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا يُعَدُّ مَالًا.
فَعَلَى هَذَا يُفْهَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فُقِدَ مِنْهُ كُلٌّ مِنْ التَّمَوُّلِ وَالتَّقَوُّمِ فَلَا يَكُونُ مَالًا وَلَا يُعَدُّ مُتَقَوِّمًا وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (٣٦٣) الْإِيضَاحُ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ (الْمُتَقَوِّمِ) فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي.
[ (الْمَادَّةُ ١٢٨) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ]
(الْمَادَّةُ ١٢٨) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ وَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ.
وَكَذَلِكَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْقُولِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ١٠١٩) .
فَلِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ اعْتِبَارَانِ:
(١) - فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ مَعَ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا تُعَدُّ حِينَئِذٍ عَقَارًا.
(٢) - أَمَّا إذَا اُعْتُبِرَتْ لِوَحْدِهَا بِدُونِ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا فَتُعَدُّ مَنْقُولًا.