وَهَدْمًا كَهَدْمِ الْحَائِطِ أَوْ غَرْسًا وَرَآهُ الْحَاضِرُ وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هَذَا مِلْكِي أَوْ أَنَّ لِي فِيهِ كَذَا حِصَّةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ أَنَّ مُدَّةَ التَّصَرُّفِ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ. إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَجِدْ مَنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ الَّتِي يَسْقُطُ فِيهَا الْحَقُّ بِالسُّكُوتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَإِذَا أَثْبَتَ السُّكُوتَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الطَّرَفِ الْمُنْكِرِ؟ قَدْ بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْبَابِ الثَّانِي الْآتِي الْبَيَانَ قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً لِلْمَسَائِلِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ فَلْتُرَاجِعْ. تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ - هُوَ التَّصَرُّفُ الَّذِي يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ فَقَطْ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ.
الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ: يَكْفِي فِي الْأَقَارِبِ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِمَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَمَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُدَّةً فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يَلْزَمُ التَّصَرُّفُ مُدَّةً لِمَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ الْفَاسِدَةَ تَغْلِبُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَشُبْهَةُ التَّلْبِيسِ مُرَجِّحَةٌ بَيْنَهُمْ وَفِي دَعَاوَى الْإِرْثِ يَحْصُلُ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَطَمَعُهُ فِي مَالِ الْغَيْرِ نَادِرٌ فَلِذَلِكَ يَجِبُ وُجُودُ مُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ بِهَا جِهَةَ التَّزْوِيرِ وَهِيَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُدَّةً فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٦٥٥) يُعْذَرُ الْمُدَّعِي فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَفِي حَالِ الصِّغَرِ وَفِي عَدَمِ الْعِلْمِ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَعْدَ أَنْ رَأَى ذَلِكَ وَسَكَتَ ادَّعَى عِنْدَ بُلُوغِهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ صَغِيرًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦١٦) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ يُصَدَّقُ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَعْدَ أَنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ فِي حُضُورِ وَلَدِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ وَكَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ الدَّارَ مُبَاعَةٌ لَهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ فَإِذَا ادَّعَى الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ كَذَا حِصَّةً فِيهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ حَيْثُ إنَّ لِلْأَبِ الشِّرَاءَ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ مُنْفَرِدًا فَيَكُونُ الشِّرَاءُ مَحَلَّ خَفَاءٍ لِلْوَلَدِ (الْوَاقِعَاتُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ عِبَارَةَ، فِي الْبَيْعِ، الْوَارِدَةَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ لَيْسَتْ لَفْظًا احْتِرَازِيًّا فَلِذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدٌ آخَرَ يَتَصَرَّفُ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُدَّةَ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ وَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بِنَفْسِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُرُورُ زَمَنٍ فِيهِ. مَثَلًا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارٍ ثَلَاثَ أَوْ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ وَرَأَى جَارُهُ تَصَرُّفَهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِإِنْشَاءِ أَبْنِيَةٍ أَوْ هَدْمِهَا فَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الدَّارِ لَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْقِيحُ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ فَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ.
[خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي تَعْرِيفُ الدَّعْوَى]
خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ تَعْرِيفُ الدَّعْوَى طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ حَالٍ الْمُنَازَعَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ فِي الْمَحْكَمَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute