فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ أَقَارِبِ الْبَائِعِ أَوْ زَوْجَهَا أَوْ زَوْجَتَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ أَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَدَّ الْحُضُورَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَتَرَكَ الْمُنَازَعَةَ أَثْنَاءَ ذَلِكَ إقْرَارًا دَلَالَةً بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ الْبَائِعِ وَحَيْثُ وَجَدَ أَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ يَمِيلُونَ إلَى الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ فَقَدْ قَصَدَ بِذَلِكَ وَضْعَ حَائِلٍ بَيْنَ الْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالُ الْمُدَّعِي وَادَّعَى أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَقْتَ الْبَيْعِ وَسُكُوتَهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بَلْ يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٥٣) . لَمْ أَرَ مِنْ بَيَّنَ دَرَجَةَ الْقَرَابَةِ؟ وَمَنْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ وَضَّحَ ذَلِكَ؛ إلَّا أَنَّ شَرْحَ التَّنْوِيرِ بَيَّنَ أَنَّ الْأَقَارِبَ مَثَلًا كَالِابْنِ، وَذَكَرَ الْمُحَشِّي عَلَى التَّنْوِيرِ أَنَّ غَيْرَ الِابْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ هُوَ كَالِابْنِ كَمَا أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي قِسْمِ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْعَمَّ هُوَ فِي هَذَا الْحُكْمِ. فَإِذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الْأَقَارِبِ تَشْمَلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعَمَّ فَلَا شَكَّ بِأَنَّ الْأَقَارِبَ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ قَرَابَةِ الْعَمِّ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْعَمِّ.
وَلَكِنْ هَلْ يَشْمَلُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَقَارِبَ الْآخَرِينَ كَأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ؟ لَمْ أَجِدْ إيضَاحَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. إلَّا أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ فِي رِسَالَةِ غَايَةِ الْمَطْلَبِ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ إلَّا أَنَّ الرِّسَالَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ فِي حَقِّ الْوَقْفِ فَهَلْ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاسْتِدْلَال بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ أَطْلَقَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [النور: ٢٢] عَلَى ابْنِ الْخَالَةِ. الْبَيْعُ - وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْبَيْعِ بِالِاسْتِغْلَالِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فِي حُضُورِ آخَرَ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ بَاعَهُ اسْتِغْلَالًا فَإِذَا ادَّعَى الْحَاضِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فِيهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ أَقَارِبِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْأَجَانِبِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فِي مُوَاجَهَةِ وَلَدِهِ وَمَاتَ مُصِرًّا عَلَى وَصِيَّتِهِ وَضَبَطَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ ادَّعَى وَلَدُ الْمُوصِي بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي إنَّك مُتَنَاقِضٌ فِي دَعْوَاك حَيْثُ سَكَتَّ حِينَ الْوَصِيَّةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعُقُودِ الْأُخْرَى هُوَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَرْضَى بِأَنْ يَنْتَقِلَ مِلْكُهُ لِلْغَيْرِ إلَّا أَنَّهُ يَرْضَى أَنْ يَنْتَفِعَ آخَرُ فِي مَالِهِ كَمَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ فِي الْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى غَيْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَهْجَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّغَ أَحَدٌ بِالْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِهِ بِمُوجِبِ سَنَدٍ خَاقَانِيٍّ لِآخَرَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فِي حُضُورِ زَوْجَتِهِ وَسَكَتَتْ الزَّوْجَةُ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَتْ مُؤَخَّرًا بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ تَحْتَ تَصَرُّفِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) .
وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَجَانِبِ سَوَاءٌ كَانَ أُولَئِكَ الْأَجَانِبُ مِنْ الْجِيرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَكُونُ حُضُورُهُ وَسُكُوتُهُ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَقَطْ مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ بَعْدَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِلَا عُذْرٍ تَصَرَّفَ الْمُلَّاكُ بِنَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute