وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْفُجْلِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ فَإِذَا رَأَى الْمُشْتَرِي نَمُوذَجًا مِنْهُ بَعْدَ شِرَائِهِ وَرَضِيَ بِهِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ وَزْنًا أَوْ كَيْلًا فَعَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّ التَّعَامُلَ جَرَى بِهِ وَالِاحْتِيَاجُ دَاعٍ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُبَاعُ عَدًّا كَالْفُجْلِ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ لَا تُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (شُرُنْبُلَالِيّ) .
الثَّانِي: الْمُشْتَرِي. فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ثَابِتًا لِأَحَدِهِمَا غَيْرَ ثَابِتٍ لِلْآخَرِ فَلَهُمَا الرَّدُّ بِالِاتِّفَاقِ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصَانِ مَالًا لَمْ يَرَيَاهُ ثُمَّ رَأَيَاهُ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَلَهُ رَدُّهُ جَمِيعِهِ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ فَالِاثْنَانِ يَرُدَّانِ الْمَبِيعَ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الشَّخْصُ الَّذِي رَأَى الْمَبِيعَ أَوَّلًا بِالْبَيْعِ وَأَجَازَهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرُ فَعِنْدَمَا يَرَى الشَّخْصُ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ لَهُ رَدُّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (شُرُنْبُلَالِيّ. هِنْدِيَّةٌ) .
[ (الْمَادَّةُ ٣٢٩) بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ]
(الْمَادَّةُ ٣٢٩) بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ وَصْفَهُ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى دَارًا لَا يَعْلَمُ وَصْفَهَا كَانَ مُخَيَّرًا فَمَتَى عَلِمَ وَصْفَهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي شِرَاءِ الْأَعْمَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَمْتَدُّ خِيَارُهُ جَمِيعَ عُمْرِهِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْمَبِيعِ أَوْ يَتَعَيَّبُ فِي يَدِهِ أَوْ يَهْلَكُ بَعْضُهُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٣٢٠) وَالْأَعْمَى فِي هَذَا الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْهَا الشَّهَادَةُ وَالْقَضَاءُ وَالدِّيَةُ لِعَيْنِهِ (أَشْبَاهٌ) أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأَعْمَى وَلَا شِرَاؤُهُ إلَّا إذَا كَانَ رَأَى شَيْئًا قَبْلَ الْعَمَى مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ كَالْحَدِيدِ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَهُ قُصُورٌ عَنْ إدْرَاكِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ فَرُبَّمَا نَدِمَ إذَا أَخْبَرَهُ الْغَيْرُ بِرَدَاءَةِ لَوْنِهِ مَثَلًا وَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّهِ مَعَ الْحَيَاءِ. بَعْضُ مَا يُسْقِطُ خِيَارَ الْأَعْمَى - إذَا اشْتَرَى الْأَعْمَى مَالًا غَيْرَ عَالِمٍ بِوَصْفِهِ وَتَعَيَّبَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ هَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى آخَرَ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَرْضًا فَأَمَرَ الْأَكَّارِينَ بِزَرْعِهَا يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ مَا يَجْرِي فِي الْمَبِيعِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ كَأَنَّهُ وَاقِعٌ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ وَعُدَّ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي بَعْضِهِ غَيْرَ لَازِمٍ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفَرُّقَ الصَّفْقَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ إذَا رُدَّ إلَى الْبَائِعِ مَعِيبًا تَضَرَّرَ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. طَحْطَاوِيٌّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٣٣٥) . يَجِبُ أَنْ يُوصَفَ الْمَبِيعُ وَصْفًا مُطَابِقًا لَهُ حَتَّى يَكُونَ الْوَصْفُ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَتِهِ فَإِذَا وُصِفَ الْمَبِيعُ لِلْأَعْمَى وَظَهَرَ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْأَعْمَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ حِينَ كَانَ بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَا يُسْقِطُ خِيَارَ الْأَعْمَى كَالْوَصْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute