وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ قَتْلًا مُوجِبًا قِصَاصَ الْقَتْلِ وَتَصَالَحَ الْقَاتِلُ مَعَ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقِصَاصِ بِكَذَا قِرْشًا وَكَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الصُّلْحِ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ (النَّتِيجَةُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٦٣٣) الْكَفَالَةُ عَنْ الْمُفْلِسِ]
(الْمَادَّةُ ٦٣٣) لَا يُشْتَرَطُ يَسَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ الْمُفْلِسِ أَيْضًا. لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ يَسَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَعَلَيْهِ كَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ عَنْ غَيْرِ الْمُفْلِسِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ عَنْ الْمُفْلِسِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَفِيلُ وَارِثًا لِلْأَصِيلِ أَوْ أَجْنَبِيًّا. وَالْمُفْلِسُ هُنَا هُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ وَلَا كَفِيلَ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ رَهْنٌ فِي مُقَابِلِهِ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (٩٩٩) مَقْصُودًا هُنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلِيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ لِلْمُفْلِسِ اعْتِبَارَيْنِ:
الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْمُفْلِسِ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ وَكَفَالَةُ الْمُفْلِسِ الَّذِي يَكُونُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ صَحِيحَةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ الْحَيِّ وَعَلَى ذَلِكَ يَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ أَفْلَسَ، مَثَلًا لَوْ طَرَأَ عَلَى أَحَدٍ إفْلَاسٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مُطْلَقًا وَكَفَلَ أَحَدٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَأَصْبَحَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَلَوْ لَمْ يَكْفُلْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ يَسَارِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَهْنٌ.
الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - كَوْنُ الْمُفْلِسِ قَدْ تُوُفِّيَ. لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ مَدِينًا وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَلَا كَفِيلًا بِدَيْنِهِ وَلَا رَهْنًا عَلَيْهِ وَكَفَلَ أَحَدٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي جَوَازِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَعَدَمِهِ. فَالْكَفَالَةُ هَذِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا لَمْ يَتْرُكْ مَالًا أَوْ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا فَيَكُونُ الْكَفِيلُ قَدْ كَفَلَ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ بِضَرُورَةِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ لَا تَجُوزُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدٌ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَنْ يُتَوَفَّى مُفْلِسًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَجَوَازُ تَبَرُّعٍ كَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا ظَهَرَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَالِ لِلْمُفْلِسِ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَتَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي مَا عَدَاهُ. إلَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ لَاحِقًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُفْلِسُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ مَثَلًا لَوْ حَفَرَ الْمَيِّتُ الْمُفْلِسُ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا أَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَتَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. لِأَنَّ الدَّيْنَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ أَيْ مِنْ وَقْتِ السَّبَبِ وَكَانَتْ ذِمَّةُ الْمُفْلِسِ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْمُسْتَنِدُ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ الضَّمَانِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَقُيِّدَ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَالَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي حَقِّهِ لِلضَّرُورَةِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَأَبْقَيْنَاهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ (الْبَحْرُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute