صَرْفُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ اللَّائِقِ زِيَادَةً عَنْ اللَّازِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفَرَائِضِ) فَعَلَى ذَلِكَ التَّبْذِيرُ هُوَ تَجَاوُزُ مَوْضِعِ الْحَقِّ وَجَهْلٌ بِمَوَاضِعِ وَمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ أَمَّا الْإِسْرَافُ فَهُوَ تَجَاوُزٌ فِي الْكَمِّيَّةِ وَجَهْلٌ فِي مَقَادِيرِ الْحُقُوقِ.
فَالتَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ اللَّذَانِ يَنْشَآنِ عَنْ السَّفَهِ يَكُونَانِ أَحْيَانًا فِي أُمُورِ الشَّرِّ فَكَمَا أَنَّ مَنْ يُعْطِي مَالَهُ لِلْعَازِفِينَ وَالْمُغَنِّينَ أَوْ يَجْمَعُ فِي بَيْتِهِ أَهْلَ الشُّرْبِ وَالْفِسْقِ فَيُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ أَوْ يُسْرِفُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَنْ يَفْتَحُ بَابَ الْجَوَائِزِ وَالصِّلَاتِ أَوْ يَشْتَرِي الطُّيُورَ الطَّائِرَةَ بِأَثْمَانٍ بَاهِظَةٍ أَوْ مَنْ يُلْقِي أَمْوَالَهُ فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ أَوْ يُحْرِقُهَا بِالنَّارِ، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ سَفِيهًا مَنْ أَسْرَفَ فِي نَفَقَةٍ؛ إذْ إنَّ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَكَانَ لَهُ غَرَضٌ إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِهِ بِصُورَةٍ جَعَلَتْهُ لَا يُعَدُّ غَرَضًا فَهُوَ سَفِيهٌ كَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْمَدَةٍ وَإِنْ يَكُنْ الْأَصْلُ فِي التَّصَرُّفَاتِ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمُسَامَحَةِ كَمَا أَنَّ الْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ مَشْرُوعَانِ إلَّا أَنَّ الْإِسْرَافَ فِيهِمَا حَرَامٌ كَالْإِسْرَافِ فِي الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: ٦٧] أَيْ: لَمْ يَتَجَاوَزُوا حَدَّ الْكَرَمِ {وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧] أَيْ: لَمْ يُضَيِّقُوا تَضْيِيقَ الشَّحِيحِ أَيْ: الْبَخِيلِ وَيَكُونُ الْإِسْرَافُ فِي الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ أَوْ صَرْفِ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ عَلَى الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ مَعَ عَدَمِ اقْتِدَارِهِ مُتَّبِعًا الْهَوَى وَتَارِكًا مَا يَدُلُّ عَلَى الْحِجَى أَمَّا إذَا صَرَفَ شَخْصٌ مَالَهُ عَلَى الْمَعَاصِي كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا فَلَا يُعَدُّ سَفِيهًا بِالْمَعْنَى الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦٣) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَيُعَدُّ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ السَّفِيهِ الَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يَغْفُلُونَ فِي أَخْذِهِمْ وَإِعْطَائِهِمْ وَلَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ تِجَارَتِهِمْ وَتَمَتُّعِهِمْ بِحَسَبِ بَلَاهَتِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّونَ سُفَهَاءَ بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ الْحَجْرُ عَلَى أَبْلَهَ وَبَسِيطٍ كَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْمَادَّةُ (٩٥٨) وَيُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَبْلَهِ وَالْبَسِيطِ مُغَفَّلٌ وَلَيْسَ الْمُغَفَّلُ فَاسِدًا وَإِنَّمَا هُوَ مَنْ كَانَ سَلِيمَ الْقَلْبِ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ مَعَ كَوْنِهِ يُخْدَعُ فِيهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ مُنْلَا مِسْكِينٍ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ، وَالْمُغَفَّلُ أَيْضًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّغْفِيلِ وَهُوَ مَنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ فَطَانَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ)
[ (مَادَّةُ ٩٤٧) الرَّشِيدُ هُوَ الَّذِي يَتَقَيَّدُ بِمُحَافَظَةِ مَالِهِ وَيَتَوَقَّى السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ]
الرَّشِيدُ هُوَ الْمُصْلِحُ فِي مَالِهٍ أَيْ: الَّذِي يَتَقَيَّدُ بِمُحَافَظَةِ مَالِهِ وَيَتَوَقَّى السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ وَالصَّرْفَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَيَجْتَنِبُهُ وَهَذَا يُعَدُّ رَشِيدًا مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ فَاسِقًا طَارِئًا أَوْ أَصْلِيًّا أَمْ غَيْرَ فَاسِقٍ يَعْنِي: أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِسْقِ لَيْسَ مَانِعًا لِلرَّشِيدِ وَمُوجِبًا لِلسَّفِيهِ وَعَلَيْهِ إنَّمَا يَتَحَرَّى عَنْ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ وَلَيْسَ فِي الْمَالِ وَالدَّيْنِ مَعًا وَقَدْ فُسِّرَ الرُّشْدُ بِالْإِصْلَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ} [النساء: ٦] أَيْ: عَرَفْتُمْ وَأَبْصَرْتُمْ {مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦] فَالرَّشِيدُ مَنْ يَكُونُ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ فَقَطْ (التَّنْوِيرُ)
[ (مَادَّةُ ٩٤٨) الْإِكْرَاهُ هُوَ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ دُونِ رِضَاهُ]
(مَادَّةُ ٩٤٨) الْإِكْرَاهُ هُوَ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ دُونِ رِضَاهُ بِالْإِخَافَةِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُكْرَهُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَيُقَالُ لِمَنْ أَجْبَرَهُ: مُجْبِرٌ، وَلِذَلِكَ الْعَمَلِ: مُكْرَهٌ عَلَيْهِ، وَلِلشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلْخَوْفِ: مُكْرَهٌ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute