بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ سَالِبَةٌ لِلْأُجْرَةِ، كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (٤٤٢) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ رَحًى عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِتَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا أَيْضًا تَأْوِيلَ عَقْدِ بَيْعٍ، كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ.
مِثَالٌ لِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ فِي الرَّهْنِ: لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ دَارًا عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَظَهَرَ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الدَّارَ مُدَّةً إنَّهَا لَيْسَتْ لِلرَّاهِنِ بَلْ لِغَيْرِهِ، فَلَا تَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ أُجْرَةٌ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الرَّاهِنَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ غَاصِبًا. كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمُعَدَّةَ لِلِاسْتِغْلَالِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ، فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ الدَّارَ بِتَأْوِيلِ عَقْدِ الرَّهْنِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَيُرَدُّ الزَّائِدُ أَيْضًا إلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ لِلْوَقْفِ وَبِهِ يُفْتَى وَكَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ فُضُولِيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٥٩٩) اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ]
(الْمَادَّةُ ٥٩٩) لَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِذَا بَلَغَ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ، وَلَوْ تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا أَجْرَ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الصَّغِيرَ بِدُونِ عِوَضٍ مَا عَدَا الْأَبَ وَالْجَدَّ وَالْوَصِيَّ. وَلِهَؤُلَاءِ اسْتِخْدَامُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّهْذِيبِ وَالرِّيَاضَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا مُدَّةً، وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ أَوْ كَانَ زَوْجَ أُمِّهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَيْ بِدُونِ أُجْرَةٍ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ سِنَّ الرُّشْدِ أَخَذَ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسَاوِيًا أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِذَا اشْتَرَى الصَّغِيرُ مَالًا بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ مُقَابِلَ أَجْرِ مِثْلِهِ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الْمَالَ (خَيْرِيَّةٌ) ، فَكَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلصَّغِيرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ مِثْلِهِ فَلِوَلِيِّهِ وَلِوَصِيِّهِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦١٦) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ أُجْرَتِهِ فَلِوَرَثَتِهِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذُوا أَجْرَ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُسَاوِيًا لِأَجْرِ الْمِثْلِ، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَخْذُ شَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute