للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَلْزَمَهُ بِالْمَالِ الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَ عَيْبُهُ حَصَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا مُجْبَرًا عَلَى قَبُولِهِ. وَالتَّعْيِينُ عَلَى نَوْعَيْنِ:

الْأَوَّلُ: تَعْيِينٌ اخْتِيَارِيٌّ.

وَالثَّانِي: ضَرُورِيٌّ.

فَالِاخْتِيَارِيُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَصْرِيحًا كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرِ قَدْ اخْتَرْت هَذَا الْمَبِيعَ أَوْ أَرَدْته أَوْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَجَزْته وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ صَرَاحَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعَ وَقَالَ قَدْ أَلْزَمْت هَذَا الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَيَّنْت هَذَا مَبِيعًا فَيَكُونُ ذَلِكَ تَعْيِينٌ صَرَاحَةً وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ الِاخْتِيَارِيُّ دَلَالَةً مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَ الْمَبِيعَ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ أَوْ عَيَّبَ إحْدَى الْمَبِيعَاتِ فَيَبْطُلُ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ الْبَائِعُ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ مَبِيعًا. وَالتَّعْيِينُ الضَّرُورِيُّ كَمَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ تَعَيَّبَ خِيَارٌ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ فِي تِلْكَ الْمَبِيعَاتِ فَقَدْ وَقَعَ التَّعْيِينُ ضَرُورِيًّا فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ. وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي التَّعْيِينِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُتَفَاوِتِ الثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا هِنْدِيًّا بِعِشْرِينَ قِرْشًا وَآخَرَ بِأَرْبَعِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ خِيَارَ التَّعْيِينِ فَصَبَغَ أَحَدَهُمَا وَعَيَّنَ الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَرَدَّ الْآخَرَ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغْته وَعَيَّنْته مَبِيعًا هُوَ الَّذِي ثَمَنُهُ أَرْبَعُونَ قِرْشًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغْته هُوَ الَّذِي ثَمَنُهُ عِشْرُونَ قِرْشًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨) أَمَّا إذَا لَمْ يَصْبُغْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ بَلْ قَطَعَهُ وَجَرَى الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ الَّذِي ادَّعَاهُ أَوْ الثَّوْبَ الْمَقْطُوعَ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَصْبُوغًا.

[ (الْمَادَّةُ ٣١٩) خِيَارُ التَّعْيِينِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ]

(الْمَادَّةُ ٣١٩) خِيَارُ التَّعْيِينِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مَثَلًا لَوْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ أَعْلَى وَأَوْسَطَ وَأَدْنَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَبَاعَ أَحَدَهَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَأْخُذُ أَيَّهَا شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَفِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ يَكُونُ الْوَارِثُ أَيْضًا مُجْبَرًا عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي فَبِوَفَاةِ الْمُخَيَّرِ مِنْهُمَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ كَمَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُعَيِّنَ مَالَهُ وَيُمَيِّزَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ الْمُخْتَلَطِ بِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ يَحِقُّ لِوَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنْ يُمَيِّزَ وَيُعَيِّنَ مَالَهُ الْمَوْرُوثَ يَعْنِي لَا يَثْبُتُ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ بَلْ بِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ (عَيْنِيٌّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>